الخطبة ٩٧: في أصحابه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الخطب » الخطبة ٩٧: في أصحابه وأصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم

 البحث  الرقم: 98  المشاهدات: 8298
قائمة المحتويات ومن كلام له عليه السلام في أصحابه وأصحاب رسول الله

أصحاب علي


وَلَئِنْ أَمْهَلَ اللهُ الظَّالِمَ فَلَنْ يَفُوتَ أَخْذُهُ، وَهُوَ لَهُ بَالمِرْصَادِ (1) عَلَى مَجَازِ طَرِيقِهِ، وَبِمَوْضعِ الشَّجَا الحلق
من عظم وغيره.">(2) مِنْ مَسَاغِ رِيقِهِ الحلق
.">(3).
أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيَظْهَرَنَّ هؤُلاَءِ الْقَوْمُ عَلَيْكُمْ، لَيْسَ لِاَنَّهُمْ أَوْلَى بِالْحَقِّ مِنْكُمْ، وَلكِنْ لَإِسْرَاعِهِمْ إِلَى بَاطِلِ صَاحِبِهِمْ، وَإِبْطَائِكُمْ عَنْ حَقِّي.
وَلَقَدْ أَصْبَحَتِ الْأُمَمُ تَخَافُ ظُلْمَ رُعَاتِهَا، وَأَصْبَحْتُ أَخَافُ ظُلْمَ رَعِيَّتِي.
اسْتَنْفَرْتُكُمْ لِلْجِهَادِ فَلَمْ تَنْفِرُوا، وَأَسْمَعْتُكُمْ فَلَمْ تَسْمَعُوا، وَدَعَوْتُكُمْ سِرّاً وَجَهْراً فَلَمْ تَسْتَجِيبُوا، وَنَصَحْتُ لَكُمْ فَلَمْ تَقْبَلُوا.
أَشُهُودٌ كَغُيَّابٍ شاهد: بمعنى الحاضر. وغُيّاب: جمع غائب.">(4)، وَعَبِيدٌ كَأَرْبَابٍ! أَتْلُوا عَلَيْكُمُ الْحِكَمَ فَتَنْفِرُونَ مِنْهَا، وَأَعِظُكُمْ بِالمَوْعِظَةِ الْبَالِغَةِ فَتَتَفَرَّقُونَ عَنْهَا، وَأَحُثُّكُمْ عَلَى جِهَادِ أَهْلِ الْبَغْيِ فَمَا آتِي عَلَى آخِرِ قَوْلي حَتَّى أَرَاكُمْ مُتفَرِّقِينَ أَيَادِيَ سَبَا (5)، تَرْجِعُونَ إِلى مَجَالِسِكُمْ، وَتَتَخَادَعُونَ عَنْ مَوَاعِظِكُمْ، أُقَوِّمُكُمْ غُدْوَةً، وَتَرْجِعُونَ إِلَيَّ عَشِيَّةً، كَظَهْرِ الْحَنِيَّةِ (6)، عَجَزَ الْمُقَوِّمُ، وَأَعْضَلَ الْمُقَوَّمُ (7).
أَيُّهَا الْقَوْمُ الشَّاهِدةُ أَبْدَانُهُمْ، الْغَائِبَةُ عَنْهُمْ عُقُولُهُمْ، الْمُخْتَلِفَةُ أَهْوَاؤُهُمْ، المُبْتَلَى بِهمْ أُمَرَاؤُهُمْ، صَاحِبُكُمْ يُطِيعُ اللهَ وَأَنْتُمْ تَعْصُونَهُ، وَصَاحِبُ أَهْلِ الشَّامِ يَعْصِي اللهَ وَهُمْ يُطِيعُونَهُ، لَوَدِدْتُ وَاللهِ أَنَّ مُعَاوِيَةَ صَارَفَني بِكُمْ صَرْفَ الدِّينَارِ بِالدِّرْهَمِ، فَأَخَذَ مِنِّي عَشَرَةً مِنْكُمْ وَأَعْطَانِي رَجُلاً مِنْهُمْ!
يَا أَهْلَ الْكُوفَةِ، مُنِيتُ مِنْكُمْ بِثَلاَثٍ وَاثنَتَيْنِ: صُمٌّ ذَوُوأَسْمَاعٍ، وَبُكُمٌ ذَوُوكَلاَمٍ، وَعُمْيٌ ذَوُوأَبْصَارٍ، لاَ أَحْرَارُ صِدْقٍ عِنْدَ اللِّقَاءِ، وَلاَ إِخْوَانُ ثِقَةٍ عِنْدَ الْبَلاَءِ! تَرِبَتْ أَيْدِيكُمْ!
يَا أَشْبَاهَ الْإِبِلِ غَابَ عَنْهَا رُعَاتُهَا! كُلَّمَا جُمِعَتْ مِنْ جَانِب تَفَرَّقَتْ مِنْ آخَرَ، وَاللهِ لَكَأَنِّي بِكُمْ فِيَما إخالُكُمْ أظنّ.">(8): أَنَ لَوْ حَمِسَ الْوَغَى الحرب.">(9)، وَحَمِيَ الضِّرَابُ، قَدِ انْفَرَجْتُمْ عَنِ ابْنِ أَبي طَالِبٍ انْفِرَاجَ الْمَرْأَةِ عَنْ قُبُلِهَا (10)، وَإِنِّي لَعَلَى بَيِّنَة مِنْ رَبِّي، وَمِنْهَاجٍ مِنْ نَبِيِّي، وَإِنِّي لَعَلَى الطَّرِيقِ الْوَاضِحِ أَلْقُطُهُ لَقْطاً (11).

أصحاب رسول الله


انْظُرُوا أَهْلَ بَيْتِ نَبِيِّكُمْ فَالْزَمُوا سَمْتَهُمْ (12)، وَاتَّبِعُوا أَثَرَهُمْ فَلَنْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ هُدىً، وَلَنْ يُعِيدُوكُمْ فِي رَدًى، فَإِنْ لَبَدُوا فَالْبُدُوا (13)، وَإِنْ نَهَضُوا فَانْهَضُوا، وَلاَ تَسْبِقُوهُمْ فَتَضِلُّوا، وَلاَ تَتَأَخَّرُوا عَنْهُمْ فَتَهْلِكُوا.
لَقَدْ رَأَيْتُ أَصْحَابَ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ، فَمَا أَرَى أَحَداً يُشْبِهُهُمْ مِنْكُمْ!
لَقَدْ كَانُوا يُصْبِحُونَ شُعْثاً غُبْراً (14)، قَدْ بَاتُوا سُجّداً وَقِيَاماً، يُرَاوِحُونَ (15) بَيْنَ جِبَاهِهِمْ وَخُدُودِهِمْ، وَيَقِفُونَ عَلَى مِثْلِ الْجَمْرِ مِنْ ذِكْرِ مَعَادِهِمْ! كَأَنَّ بَيْنَ أَعْيُنهِمْ رُكَبَ الْمِعْزَى (16) مِنْ طُولِ سُجُودِهِمْ! إِذَا ذُكِرَ اللهُ هَمَلَتْ أَعْيُنُهُمْ حَتَّى تَبُلَّ جُيُوبَهُمْ، وَمَادُوا (17) كَمَا يَمِيدُ الشَّجَرُ يَوْمَ الرِّيحِ الْعَاصِفِ، خَوْفاً مِنَ الْعِقَابِ، وَرَجَاءً لِلثَّوَابِ!

الهوامش

1- المِرْصَاد: الطريق يُرْصَدُ بها.
2- الشّجَا: ما يَعْتَرِضُ في الحلق من عظم وغيره.
3- مَسَاغ الرّيق: ممرّه من الحلق.
4- شُهُود جمع شاهد: بمعنى الحاضر. وغُيّاب: جمع غائب.
5- قالوا: إن سبأ هو أبو عَرَبِ اليمن كان له عشرة أولاد، جعل منهم ستة يميناً له، وأربعة شمالاً تشبيهاً لهم باليدين، ثم تفرّق أولئك الأولاد أشدّ التفرّق.
6- ظَهْر الحَنِيّة: القَوْس.
7- أعْضَلَ: استعصى واسْتَصْعَبَ.
8- إخال: أظنّ.
9- حَمِسَ ـ كَفَرِحَ ـ: اشتد؛ والوَغَى: الحرب.
10- انفراج المرأة عن قُبُلها يكون عند الولادة أو عندما يُشْرَعُ عليها سلاح. وفيه كناية عن العَجْز والدناءة في العمل.
11- اللّقطْ: أخذ الشيء من الأرض.
12- السّمْت ـ بالفتح ـ: طريقهم أوحالهم أوقصدهم.
13- لَبَدَ ـ كنصر ـ: أقام، أي: إن أقاموا فأقيموا.
14- شعثاً: جمع أشعث وهو المغبّر الرأس. والغبر: جمع أغبر، والمراد أنهم كانوا متقشفين.
15- المُرَاوحة بين العملين: أن يعمل هذا مرة، وهذا مرة، وبين الرجْلين: أن يقوم على كل منهما مرة، وبين جباههم وخدودهم أن يضعوا الخدود مرة والجباه أخرى على الأرض خضوعاً لله وسجوداً.
16- رُكَب ـ جمع رُكْبة ـ: مَوْصِلُ الساقِ من الرّجْل بالفخذ. وإنما خص رُكَبَ المِعْزَى لِيُبُوستها واضطرابها من كثرة الحركة.
17- مادُوا: اضطربوا وارتعدوا.



الفهرسة