الرسالة ٦٥: إليه أيضاً
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الكتب » الرسالة ٦٥: إليه أيضاً

 البحث  الرقم: 307  المشاهدات: 4089
قائمة المحتويات ومن كتاب له عليه السلام إليه أيضاً
أَمَّا بَعْدُ،
فَقَدْ آنَ لَكَ أَنْ تَنْتَفِعَ بِالَّلمْحِ الْبَاصِرِ (1) مِنْ عِيَانِ الْأُمُورِ (2)، فَقَدْ سَلَكْتَ مَدَارِجَ أَسْلاَفِكَ بِادِّعَائِكَ الْأَباطِيلَ، وَإقْحَامِكَ (3) غُرُورَ الْمَيْنِ الكَذِب
.">(4) وَالْأَكَاذِيبِ، وَبِانْتِحَالِكَ (5) مَا قَدْ عَلاَ عَنْكَ (6)، وَابْتِزَازِكَ (7) لِمَا قَدِ اخْتُزِنَ مُنِعَ
دون الوصول اليك.">(8) دُونَكَ، فِرَاراً مِنَ الْحَقِّ، وَجُحُوداً لِمَا هُوَ أَلْزَمُ لَكَ مِنْ لَحْمِكَ وَدَمِكَ (9)، مِمَّا قَدْ وَعَاهُ سَمْعُكَ، وَمُلِىءَ بِهِ صَدْرُكَ، فَمَاذَا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ الْمُبِينُ وَبَعْدَ الْبَيَانِ إِلاَّ الَّلبْسُ اللَبْس ـ بالفتح ـ: مصدر (لبس عليه الأمر يلبس) كضرب يضرب أي خلطه، وفي التنزيل: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيهم ما يَلْبِسون).">(10)؟
فَاحْذَرِ الشُّبْهَةَ وَاشْتِمالَهَا عَلَى لَبْسَتِهَا (11)، فَإِنَّ الْفِتْنَةَ طَالَمَا أَغْدَفَتْ جَلاَبِيبَهَا الباطل فأخفت الحقيقة.">(12)، وَأَغْشَتِ (13) الْاَبْصَارَ ظُلْمَتُهَا.
وَقدْ أَتَانِي كِتَابٌ مِنْكَ ذُوأَفانِينَ (14) مِنَ الْقَوْلِ ضَعُفَتْ قُوَاهَا عَنِ السِّلْمِ الحرب.">(15)، وَأَسَاطِيرَ (16) لَمْ يَحُكْهَا (17) مِنْكَ عِلْمٌ وَلاَ حِلْمٌ (18)، أَصْبَحْتَ مِنْهَا كَالْخَائِضِ فِي الدَّهَاسِ (19)، وَالخَابِطِ (20) فِي الدِّيمَاسِ (21)، وَتَرَقَّيْتَ إِلَى مَرْقَبَةٍ (22) بَعِيدَةِ الْمَرَامِ، نَازِحَةِ الْأَعْلاَمِ خَفيّة المسالك.">(23)، تَقْصُرُ دوُنَهَا الْأَنُوقُ الطائر خصال عدّها صاحب القاموس.">(24)، وَيُحَاذَى بَهَا الْعَيُّوقُ (25). وَحَاشَ لِلَّهِ أَنْ تَلِيَ لِلْمُسْلِمِينَ بَعْدِي صَدْراً أَوْ وِرْداً الإشراف على الماء.">(26)، أَوْ أُجْرِيَ لَكَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ عَقْداً أَوْ عَهْداً!!
فَمِنَ الْآنَ فَتَدَارَكْ نَفْسَكَ، وَانْظُرْ لَهَا، فَإِنَّكَ إِنْ فَرَّطْتَ حَتَّى يَنْهَدَ ينهض لحربك.">(27) إِلَيْكَ عِبَادُ اللهِ أُرْتِجَتْ (28) عَلَيْكَ الْأُمُورُ، مُنِعْتَ أَمْراً هُوَ مِنْكَ الْيَوْمَ مَقْبُولٌ
وَالسَّلَامُ

الهوامش

1- اللّمح الباصر: الأمر الواضح.
2- عِيان الأمُور: مشاهدتها ومعاينتها.
3- الاقْتِحام: إلقاء الناس في الأمر من غير روبة.
4- المَيْن: الكَذِب.
5- انتحالك: ادعاؤك لنفسك.
6- ما قَدْ عَلاَ عنك: ما هو أرفع من مقامك.
7- (ابتزازك) أي: سلبك.
8- اخْتُزِنـَ أي: مُنِعَ دون الوصول اليك.
9- المراد بالذي هو ألزم له من لحمه ودمه البَيْعة بالخلافة لأميرالمؤمنين.
10- اللَبْس ـ بالفتح ـ: مصدر (لبس عليه الأمر يلبس) كضرب يضرب أي خلطه، وفي التنزيل: (وَلَلَبَسْنَا عَلَيهم ما يَلْبِسون).
11- اللُبْسَة ـ بالضم ـ: الإشكال.
12- أَغْدَفَت المرأة قِنَاعَها: أرسلته على وجهها فسترته، وأَغْدَف الليل: أرخى سدوله ـ أي أغطيته ـ من الظلام. والجلابيب: جمع جلباب، وهو الثوب الأعلى يغطي ما تحته، أي طالما أسْد َلَت الفتنة أَغطية الباطل فأخفت الحقيقة.
13- أغشت الأبصار: أَضعفتها ومنعتها النفوذ إلى المرئيات الحقيقية.
14- أفَانِينُ القول: ضروبه وطرائقه.
15- السِّلْم: ضد الحرب.
16- الأساطير: جمع أُسْطُورة، بمعنى الحرافة لا يعرف لها منشأ.
17- حاكَه يحوكه: نسجه، ونسج الكلام: تأليفه.
18- الحِلْم ـ بالكسر ـ: العقل.
19- الدَهاس ـ كسَحَاب ـ: أَرض رِخْوَة لا هي تراب ولا رمل، ولكن منهما، يعسر فيها السير.
20- الحابط في السير: الذي لايهتدي.
21- الدِيماس ـ بالكسر ـ: المكان المظلم تحت الأرض.
22- المَرْقبة ـ بفتح فسكون ـ: مكان الارتقاب، وهو العلو والإشراف، أي رفعت نفسك إلى منزلة بعيدٍ عنك مَطْلبها.
23- نازحة: أي بعيدة، والأعلام: جمع عَلَم، وهو ما يُنْصَب ليُهْتَدى به، أي خَفيّة المسالك.
24- الأَنوق ـ كصَبُور ـ: طير أصلع الرأسِ، أصفر المِنْقار، يقال: أعزّ من بيض الأنُوق، إذْ تحرزه فلا تكاد تظفر به، لأن أو كارها في القُلَل الصعبة، ولهذا الطائر خصال عدّها صاحب القاموس.
25- العَيّوق ـ بفتح فضم مشدّد ـ: نجم أحمر مضيء في طرف المجرّة الأيمن يتلو الثريا لا يتقدمها.
26- الصَّدَر ـ بالتحريك ـ: الرجوع بعد الشرب. والوِرْد ـ بالكسر ـ: الإشراف على الماء.
27- ينهَد: ينهض لحربك.
28- أُرْتِجَتْ: أُغْلِقَتْ، وتقول: أرْتَجَ الباب كَرَتَجَهُ، أي أغلقه.



الفهرسة