الرسالة ١٠: إليه أيضاً
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الكتب » الرسالة ١٠: إليه أيضاً

 البحث  الرقم: 252  المشاهدات: 4759
قائمة المحتويات ومن كتاب له عليه السلام إليه أيضاً
وَكَيْفَ أَنْتَ صَانِعٌ إِذَا تَكَشَّفَتْ عَنْكَ جَلاَبِيبُ (1) مَا أَنْتَ فِيهِ مِنْ دُنْيَا قَدْ تَبَهَّجَتْ بِزِينَتِهَا (2)، وَخَدَعَتْ بِلَذَّتِهَا، دَعَتْكَ فَأَجَبْتَهَا، وَقَادَتْكَ فَاتَّبَعْتَهَا، وَأَمَرَتْكَ فَأَطَعْتَهَا، وَإِنَّهُ يُوشِكُ أَنْ يَقِفَكَ وَاقِفٌ عَلَى مَا لاَ يُنْجيِكَ مِنْهُ مِجَنٌّ (3)، فَاقْعَسْ (4) عَنْ هذَا الْأَمْرِ، وَخُذْ أُهْبَةَ (5) الْحِسَابِ، وَشَمِّرْ لِمَا قَدْ نَزَلَ بِكَ، وَلاَ تُمَكِّنِ الْغُوَاةَ الباطل ويغريك بالفساد.">(6) مِنْ سَمْعِكَ، وَإِلاَّ تَفْعَلْ أُعْلِمْكَ مَا أَغْفَلْتَ مِنْ نَفْسِكَ، فَإِنكَ مُتْرَفٌ (7) قَدْ أَخَذَ الشَّيْطَانُ مِنْكَ مَأْخَذَهُ، وَبَلَغَ فِيكَ أَمَلَهُ، وَجَرَى مِنْكَ مَجْرَى الرُّوحِ وَالدَّمِ.
وَمَتَى كُنْتُمْ يَا مُعَاوِيَةُ سَاسَةَ الرَّعِيَّةِ (8)، وَوُلاَةَ أَمْرِ الْأُمَّةِ؟ بِغَيْرِ قَدَمٍ سَابِقٍ، وَلاَ شَرَفٍ بَاسِقٍ (9)، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ لُزومِ سَوَابِقِ الشَّقَاءِ، وَأُحَذِّرُكَ أَنْ تَكُونَ مُتَمادِياً فِي غِرَّةِ (10) الْأُمْنِيَّةِ (11)، مُخْتَلِفَ الْعَلاَنِيَةِ والسَّرِيرَةِ.
وَقَدْ دَعَوْتَ إِلَى الْحَرْبِ، فَدَعِ النَّاسَ جَانِباً وَاخْرُجْ إِلَيَّ، وَأَعْفِ الْفَرِيقَينِ مِنَ الْقِتَالِ، لِتَعْلَمَ أيُّنَا الْمَرِينُ غلب
عليه فغطى بصيرته.">(12) عَلَى قَلْبِهِ، وَالْمُغَطَّى عَلَى بَصَرِهِ! فَأَنَا أَبُوحَسَنٍ قَاتِلُ جَدِّكَ وَخَالِكَ وأَخِيكَ شَدْخاً (13) يَوْمَ بَدْرٍ، ذلكَ السَّيْفُ مَعِي، وَبِذلِكَ الْقَلْبِ أَلْقَى عَدُوِّي، مَا اسْتَبْدَلْتُ دِيناً، وَلاَ اسْتَحْدَثْتُ نَبِيّاً، وَإنِّي لَعَلَى الْمِنْهَاجِ (14) الَّذِي تَرَكْتُمُوهُ طَائِعِينَ، وَدَخَلْتُمْ فِيهِ مُكْرَهِينَ.
وَزَعَمْتَ أَنَّكَ جِئْتَ ثَائراً (15) بِدَمِ عُثْمانَ، وَلَقَدْ عَلِمْتَ حَيْثُ وَقَعَ دَمُ عُثْمانَ فَاطْلُبْهُ مِنْ هُنَاكَ إِنْ كُنتَ طَالباً، فَكَأَنِّي قدْ رَأَيْتُكَ تَضِجُّ مِنَ الْحَرْبِ إِذَا عَضَّتْكَ ضَجِيجَ الْجِمَالِ بِالْأَثْقَالِ، وَكَأَنِّي بِجَمَاعَتِكَ تَدْعُونِي جَزَعاً مِنَ الضَّرْبِ الْمُتَتَابِعِ، وَالْقَضَاءِ الْوَاقِعِ، وَمَصَارِعَ بَعْدَ مَصَارِعَ، إِلَى كِتَابِ اللهِ، وَهِيَ كَافِرةٌ جَاحِدَهٌ، أَوْ مُبَايِعَةٌ حَائِدَةٌ (16).

الهوامش

1- الجلابيب ـ جمع جِلْباب ـ: وهو الثوب فوق جميع الثياب كالمِلْحَفة.
2- تَبَهّجَت: تحسنت.
3- المِجَنّ: التُرْس، أي يوشك أن يطلعك الله على مهلكة لك لاتتقي منها بترس، ورويت: "مُنْجٍ " بدل مجنّ.
4- قَعَسَ: تأخر.
5- الاُهبة ـ بضم الهمزة ـ: العُدّة.
6- الغُواة ـ جمع غاو ـ: قرين السوء الذي يزيّن لك الباطل ويغريك بالفساد.
7- المُتْرَف: من أطْغَتْه النعمة.
8- سَاسة: جمع سائس.
9- الباسِق: العالي الرفيع.
10- الغِرّة ـ بالكسر ـ: الغُرور.
11- الاُمْنِيَة ـ بضم الهمزة ـ: ما يتمناه الإنسان ويؤمل إدراكه.
12- المَرِين ـ بفتح فكسر ـ: اسم مفعول من رانَ ذنبهُ على قلبه: غلب عليه فغطى بصيرته.
13- شدخاً: أي كسراً في الرطب.
14- المِنْهاج: هو ـ هنا ـ طريق الدين الحق.
15- ثأر به: طلب بدمه.
16- حائدة: من حاد عن الشيء إذا مال عنه وعدل عنه إلى سواه.



الفهرسة