الرسالة ٢٥: كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات
المسار الصفحة الرئيسة » نهج البلاغة » الكتب » الرسالة ٢٥: كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات

 البحث  الرقم: 267  المشاهدات: 5235
قائمة المحتويات ومن وصية له عليه السلام كان يكتبها لمن يستعمله على الصدقات
قال الشريف: وإنما ذكرنا هنا جملاً ليُعلَمَ بها أنه عليه السلام كان يقيم عماد الحق، ويشرع أمثلة العدل، في صغير الأمور وكبيرها، ودقيقها وجليلها.
انْطَلِقْ عَلَى تَقْوَى اللهِ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَلاَ تُرَوِّعَنَّ خوّفه.">(1) مُسْلِماً، وَلاَ تَجْتَازَنَّ (2) عَلَيْهِ كَارِهاً، وَلاَ تَأْخُذَنَّ مِنْهُ أَكثَرَ مِنْ حَقِّ اللهِ فِي مَالِهِ.
فَإِذَا قَدِمْتَ عَلَى الْحَيِّ فَانْزِلْ بِمَائِهِمْ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخَالِطَ أَبْيَاتَهُمْ، ثُمَّ امْضِ إِلَيْهِمْ بِالسَّكِينَةِ وَالْوَقَارِ، حَتَّى تَقوُمَ بَيْنَهُمْ فَتُسَلِّمَ عَلَيْهِمْ، وَلاَ تُخْدِجْ بِالتَّحِيَّةِ لَهُمْ (3)،
ثُمَّ تَقُولَ: عِبَادَ اللهِ، أَرْسَلَنِي إِلَيْكُمْ وَلِيُّ اللهِ وَخَلِيفَتُهُ، لآخُذَ مِنْكُمْ حَقَّ اللهِ فِي أَمْوَالِكُمْ، فَهَلْ لِلَّهِ فِي أَمْوَالِكُمْ مِنْ حَقّ فَتُؤَدُّوهُ إِلَى وَلِيِّهِ؟
فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: لاَ، فَلاَ تُرَاجِعْهُ، وَإِنْ أَنْعَمَ (4) لَكَ مُنْعِمٌ فَانْطَلِقْ مَعَهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ تُخِيفَهُ أَوْ تُوعِدَهُ أَوْ تَعْسِفَهُ (5) أَوْ تُرْهِقَهُ (6)، فَخُذْ مَا أَعْطَاكَ مِنْ ذَهَب أَ وْ فِضَّة، فَإنْ كَانَ لَهُ مَاشِيَةٌ أَوْ إِبِلٌ فَلاَ تَدْخُلْهَا إِلاَّ بِإِذْنِهِ، فَإِنَّ أَكْثَرَهَا لَهُ، فَإِذَا أَتَيْتَهَا فَلاَ تَدْخُلْ عَلَيْهَا دُخُولَ مُتَسَلِّط عَلَيْهِ وَلاَ عَنِيف بِهِ، وَلاَ تُنَفِّرَنَّ بَهِيمَةً وَلاَ تُفْزِعَنَّهَا، وَلاَ تَسُوءَنَّ صَاحِبَهَا فِيهَا، وَاصْدَعِ (7) الْمَالَ صَدْعَيْنِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ (8)، فَإِذَا اخْتَارَ فَلاَ تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَهُ، ثُمَّ اصْدَعِ الْبَاقيَ صَدْعَيْنِ، ثُمَّ خَيِّرْهُ، فَإِذَا اخْتَارَ فَلاَ تَعْرِضَنَّ لِمَا اخْتَارَ.
فَلاَ تَزَالُ كَذَلِكَ حَتَّى يَبْقَى مَا فِيهِ وَفَاءٌ لِحَقِّ اللهِ فِي مَالِهِ، فَاقْبِضْ حَقَّ اللهِ مِنْهُ.
فَإِنِ اسْتَقَالَكَ فَأَقِلْهُ ظن
في نفسه سوء الاختيار وطلب الإعفاء من هذه القسمة فأعفه منها.">(9)، ثُمَّ اخْلِطْهُمَا، ثُمَّ اصْنَعْ مِثْلَ الَّذِي صَنَعْتَ أَوَّلاً حَتَّى تَأْخُذَ حَقَّ اللهِ فِي مَالِهِ.
وَلاَ تَأْخُذَنَّ عَوْداً (10)، وَلاَ هَرِمَةً (11)، وَلاَ مَكْسُورَةً، وَلاَ مَهْلُوسَةً المرض: أضعفه.">(12)، وَلاَ ذَاتَ عَوَارٍ (13) وَلاَ تَأْمَنَنَّ عَلَيْهَا إِلاَّ مَنْ تَثِقُ بِدِينِهِ، رَافِقاً بِمَالِ الْمُسْلِمِينَ حَتَّى يُوَصِّلَهُ إِلَى وَلِيِّهِمْ فَيَقْسِمَهُ بَيْنَهُمْ، وَلاَ تُوَكِّلْ بِهَا إِلاَّ نَاصِحاً شَفِيقاً وَأَمِيناً حَفِيظاً، غَيْرَ مُعَنِّفٍ وَلاَ مُجْحِفٍ (14)، وَلاَ مُلْغِبٍ (15) وَلاَ مُتْعِبٍ.
ثُمَّ احْدُرْ (16) إِلَيْنَا مَا اجْتَمَعَ عِنْدَكَ، نُصَيِّرْهُ حَيْثُ أَمَرَ اللهُ بِهِ، فَإِذَا أَخذَهَا أَمِينُكَ فَأَوْعِزْ إِلَيْهِ أَلاَّ يَحُولَ بَيْنَ نَاقَةٍ وَبَيْنَ فَصِيلِهَا (17)، وَلاَ يَمْصُرَ (18) لَبَنَهَا فَيَضُرَّ ذَلِكَ بِوَلَدِهَا، وَلاَ يَجْهَدَنَّهَا رُكُوباً،
وَلْيَعْدِلْ بَيْنَ صَوَاحِبَاتِهَا فِي ذَلِكَ وَبَيْنَهَا، وَلْيُرَفِّهْ عَلَى اللاَّغِبِ (19)، وَلْيَسْتَأْنِ (20) بِالنَّقِبِ (21) وَالظَّالِعِ (22)، وَلْيُورِدْهَا مَا تَمُرُّ بِهِ مِنَ الْغُدُرِ (23)، وَلاَ يَعْدِلْ بِهَا عَنْ نَبْتِ الْأَرْضِ إِلَى جَوَادِّ الطُّرُقِ (24)، وَ لْيُرَوِّحْهَا فِي السَّاعَاتِ، وَلْيُمْهِلْهَا عِنْدَ النِّطَافِ وتأكل.">(25) وَالْأَعْشَابِ، حَتَّى تَأْتِيَنَا بِإِذْنِ اللهِ بُدَّناً (26) مُنْقِيَاتٍ (27)، غَيْرَ مُتْعَبَاتٍ وَلاَ مَجْهُودَاتٍ (28)، لِنَقْسِمَهَا عَلَى كِتَابِ اللهِ وَسُنَّةِ نَبِيِّهِ صَلَّي عَلَيْهِ وَ آلِهِ فَإِنَّ ذَلِكَ أَعْظَمُ لِأَجْرِكَ، وَأَقْرَبُ لِرُشْدِكَ، إِنْ شَاءَ اللهُ.

الهوامش

1- رَوّعه ترويعاً: خوّفه.
2- الاجتياز: المرور.
3- أخْدَجَتِ السحابةُ: قَلّ مطرها، والمراد من قوله: "لاتخْدِج بالتحية لهم": لا تبخل بها عليهم.
4- أنْعَمَ لك: أي قال لك نعم.
5- تعْسِفه: تأخذه بشدة.
6- تُرْهِقه: تكلّقُهُ ما يصعب عليه.
7- صدع المال: قسمه قسمين.
8- خيّره في الأشياء: ترك له أن يختار منها ما يشاء.
9- إن استقالكَ فأقِلْهُ: أي إن ظن في نفسه سوء الاختيار وطلب الإعفاء من هذه القسمة فأعفه منها.
10- العَوْد ـ بفتح فسكون ـ: المسنة من الإبل.
11- الهَرِمة من الابل: أسنّ من العَوْد.
12- المهلوسة: الضعيفة، هَلَسَهُ المرض: أضعفه.
13- العَوار ـ بفتح العين ـ: العيب.
14- المُجْحِف: من يشتد في سَوْق الإبل حتى تهزل.
15- الملغب: الذي يعيي غيره ويتعبد، وهو من اللغوب: الإعياء.
16- حَدَرَ يَحْدرُ ـ كينصر ويضرب ـ: أسرع، والمراد سُقْ إلينا سريعاً.
17- فَصِيل الناقة: ولدها وهو رضيع.
18- مَصْر اللبن: حلب مافي الضرْع جميعه.
19- (ليرفّه عن اللاّغب): أي ليرح ما أُلْغِبَ أي أعياه التعب.
20- ليستأن: أي يرفق من الإناة بمعنى الرفق.
21- النَّقِب ـ بفتح فكسر ـ: ما نَقِبَ خُفّهُ ـ كفرح ـ أي: تَخَرَّق.
22- ظَلَعَ البعيرُ: غمز في مشيته.
23- الغُدُر ـ جمع غدير ـ: ما غادره السيل من المياه.
24- جوَادّ الطرق: يريد بها هنا الطرق التي لا مرعى فيها.
25- النِّطاف ـ جمع نُطْفة ـ: المياه القليلة، أي يجعل لها مهلة لتشرب وتأكل.
26- البُدّن ـ بضم الباء وتشديد الدال ـ: السمينة.
27- المُنْقِيات: اسم فاعل من أنْقَتِ الإبلُ إذا سمنت، وأصله صارت ذات نِقْي ـ بكسر فسكون ـ أي: مُخّ.
28- مجهودات: بلغ منها الجهد والعناء مبلغاً عظيماً.



الفهرسة