الزهد
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » الزهد

 البحث  الرقم: 84  التاريخ: 21 شوال المكرم 1429 هـ  المشاهدات: 6695
قائمة المحتويات

تعريف الزهد

الزهد: هو صرف الرغبة عن الدنيا وعدم ارادتها بقلبها إلاّ بقدر ضرورة بدنه، ومنه يُعلم أنْ الزهد في الدنيا لا ينافي كثرة المال والخدم ونحوهما إلاّ إذا كان محبّاً لها بقلبه وراغباً فيها وتشغله عن ذكر الله.
قال أمير المؤمنين (عليه السّلام): «الزهد كله بين كلمتين من القرآن»، قال سبحانه: «لكيلا تأسوا على ما فاتكم ولا تفرحوا بما أتاكم». ومَنْ لم يأسَ على الماضي ولم يفرح بالآتي فقد أخذ الزهد بطرفيه» [جامع السعادات 333: 1، والآية في سورة الحديد / 23].

درجات الزهد

واعلم ان الزهد في نفسه على ثلاث درجات:
الاولى، وهي السفلى: ان يزهد في الدنيا وهو لها مشته وقلبه إليها مائل ونفسه إليها ملتفتة، ولكنّه يجاهدها ويكفها، وهي الدرجة الاولى من الزهد.
الثانية، وهي الوسطى: أن يترك الدنيا طوعاً لاستحضاره أيّاها، بالاضافة إلى الآخرة المرغوب فيها، كالذي يترك درهماً لأجل درهمين، فأنه لا يشق عليه ذلك، وهو يظن بنفسه إنّه ترك شيئاً له قدر لما هو اعظم قدراً منه.
الثالثة، وهي العليا: أن يزهد طوعاً ويزهد في زهده، فلا يرى زهده، إذ لا يرى أنّه ترك شيئاً، حيث عرف ان الدنيا لا شيء، فيكون كمن ترك نواة وأخذ جوهرة، فلا يرى ذلك معاوضة، وهذا كمال الزهد.
ومَثله مَثل من متعه من باب الملك كلب على بابه، فألقى إليه لقمةُ خبز فشغله بنفسه ودخل الباب ونال القرب عند الملك حتى نفّذ أمره في جميع مملكته، أفَتَرى أنّه يرى لنفسه يداً عند الملك بلقمة خبز ألقاها إلى الكلب في مقابلة ما ناله، فالشيطان كلب على باب الله تعالى يمنع الناس من الدخول، والدنيا كلقمة خبز يأكلها، فلذتها حال المضغ وتنقضي على القرب بالابتلاع، ثمَّ يبقى ثقله في المعدة، ثمَّ ينتهي إلى النتن والقذر ويحتاج إلى اخراج الثقل، فمن يتركها لينال قرب الملك كيف يلتفت إليها؟!

أقسام الزهد

وينقسم الزهد قسمة اخرى بالاضافة إلى المرغوب فيه إلى ثلاث درجات:
أسفلها: ان يكون المرغوب فيه النجاة من النار وسائر الآلام، كعذاب القبر ومناقشة الحساب وخطر الصراط، وهذا زهد الخائقين.
وأوسطها: ان يزهد رغبة في ثواب الله تعالى ونعيمه واللذات الموعودة في جنته، وهذا زهد الراجين.
واعلاها: أن لا يكون له رغبة إلاّ في الله ولقائه، فلا يلتفت قلبه إلى الآلام ليقصد الخلاص منها، ولا إلى اللذات ليقصد نيلها والظفر بها، بل هو مستغرق الهم بالله، وهو الذي اصبح همه هم واحد، فهو لا يطلب غير الله، لأن من طلب غير الله فقد عبده، وكل مطلوب معبود، وكل طالب عبد بالاضافة إلى مطلوبه، وهذا زهد المحبين العارفين.
وينقسم الزهد ايضاً إلى فرضٌ ونقلٌ وسلامة:
فالفرض: هو الزهد في الحرام، والنقل: هو الزهد في الحلال، والسلامة: هو الزهد بالشبهات.

علامات الزهد

واعلم ان للزاهد الحقيقي ثلاث علامات:
الاولى: أن لا يفرح بموجودٍ ولا يحزن على مفقود، كما اشار إليه أمير المؤمنين (عليه السّلام) في الاستنباط من قوله تعالى: «لكيلا تأسوا على ما فاتكم، ولا تفرحوا بما أتاكم» [سورة الحديد / 23]، وهذه علامة الزاهد في المال.
والثانية: ان يستوي عنده مادحه وذامه، وهو علامة الزهد في الجاه.
والثالثة: ان يكون انسه بالله تعالى والغالب على قلبه حلاوة الطاعة.
وليُعلَم ان من ثمرة الزهد السخاء، ومن ثمرة الرغبة في الدنيا البخل، فالمال إن كان مفقوداً فالأليق بحال الانسان القناعة، وإن كان موجوداً، فالأليق بحال صاحبه السخاء والبذل لأهله واصطناع المعروف.
قال النبيّ (صلّى الله عليه وآله): «السخاء شجرة من شجر الجنة، أغصانها متدلية على الأرض، فمن أخذ منها غصناً قاده ذلك الغصن إلى الجنة» [الاخلاق للسيد عبدالله شبر: 260].
وقال (صلّى الله عليه وآله): «أيّما امرئ اشتهى شهوة فردَّ شهوته وآثر على نفسه غُفر له» [الاخلاق للسيد عبدالله شبر: 260].
وينبغي للفقير أن لا يمنع بذلَ قليل ما يفصّل عنه، فإن ذلك جهد المقل، وفضله اكثر من أموال كثيرة تبذل عن ظهر عنيٍ».

الروابط
القاموس: الزهد
الأشخاص: السيد خالد الموسوي [المترجم]
مفاتيح البحث: الزهد،
أقسام الزهد،
علامات الزهد،
تعريف الزهد،
درجات الزهد
المواضيع: مكارم الأخلاق

الفهرسة