براءة الامام علي (عليه السلام) من حديث الشراب الحرام
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » براءة الامام علي (عليه السلام) من حديث الشراب الحرام

 البحث  الرقم: 665  التاريخ: 2 محرّم الحرام 1430 هـ  المشاهدات: 20722
قائمة المحتويات

تمهيد

هذا جزء مختصر في الرد على الحديث المفترى، الذي أشاعته الحشوية والناصبة بين الورى، من نسبة سيدنا ومولانا، يعسوب الدين، أمير المؤمنين الإمام علي بن ابي طالب (عليه السلام)، إلى شرب الخمر ـ والعياذ بالله ـ والكشف عن اختلاقه وصنعه، ونبدا بالفصل التالي من هذا الرد:

فصل: طرق الحديث

اخرج الترمذي في سننه (1) عن عبد بن حُميدٍ: قال: حدثنا عبد الرحمن ابن سعدٍ، عن جعفر الرازي، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام) قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاما، فدعانا وسقلنا من الخمر، فأخذت الخمر منّا، وحضرت الصلاة، فقدموني فقرأت: قل ياأيها الكافرون لا أعبد ماتعبدون ونحن نعبد ما تعبدون، قال: فأنزل الله: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب صحيح.
وأخرج أبو داود في (سننه) (2) عن مسدد قال: أخبرنا يحيى، عن سفيان، قال: أخبرنا عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُلميّ، عن علي بن أبي طالب (عليه السلام): أن رجلا من الأنصار دعاه وعبد الرحمن بن عوف، فسقاهما قبل أن تحرّم الخمر، فأمهم علي (عليه السلام) في المغرب وقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فخلط فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرجه النسائي في (سننه) (3) عن عمر بن علي، عن أبن مهدي، عن سفيان نحوه.
وأخرج أبن جرير في (تفسيره) (4) عن المثنى، قال: حدثنا الحجاج بن المنهال قال: حدثنا حماد، عن عطاء بن السائب، عن عبد الله بن حبيب: أن عبد الرحمن بن عوف صنع طعاما وشرابا، فدعا نفراً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فأكلوا وشربوا حتى ثملوا، فقدموا عليا (عليه السلام) يصلي بهم المغرب، فقرأ قل ياأيها الكافرون أعبد ما تعبدون وأنا عابد ما عبدتم لكم دينكم ولي دين، فأنزل الله تبارك وتعالى هذه الآية (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرج بن جرير في (تفسيره) (5) أيضا عن محمد بن بشارٍ قال: حدثنا عبد الرحمن: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام): أنه كان هو وعبد الرحمن ورجا آخر شربوا الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فخلط فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
وأخرج أبن المنذر عن عكرمة في قوله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) قال: نزلت في أبي بكر وعمر وعلي وعبد الرحمن بن عوف وسعد، صنع علي لهم طعاما وشرابا فأكلوا وشربوا، ثم صلى علي بهم المغرب، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) حتى خاتمتها، فقال: ليس لي دين وليس لكم دين، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) (6).
وأخرج أيضاً (7) عن موسى بن هارون الهمداني، قال: حدثنا بن حماد، قال: حدثنا بن نضر، عن إسماعيل بن عبد الرحمن بن أبي كريمة السُديّ قال: نزلت هذه الآية: (يسألونك عن الخمر والميسر) ـ الآية، فلم يزالوا بذلك يشربونها حتى صنع عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعا ناساً من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فيهم علي بن أبي طالب (عليه السلام)، فقرأ: (قل ياأيها الكافرون) فلم أفهمها، فأنزل الله عز وجل يشدد في الخمر (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)... إلى آخره.
وأخرج أحمد في (مسنده) (8) عن سُرَيج ـ يعني ابن نعمان ـ قال: حدثنا أبو معشر، عن أبي وهب، عن أبي هريرة، قال حُرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة وهم يشربون الخمر، ويأكلون الميسر، فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عنهما، فأنزل الله على نبيه (صلى الله عليه وآله): (يسألونك عن الخمر والميسر قل فيهما إثم كبير ومنافع للناس وإثمهما أكبر من نفعهما) إلى آخر الآية، فقال الناس: ما حرّم علينا، إنما قال: (فيهما إثم كبير) ىوكانوا يشربون الخمر، حتى إذا كان يوم من الأيام صلى رجل من المهاجرين أمّ أصحابه في المغرب خلط في قرآءته، فأنزل الله فيها آية أغلظ منها (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون) ـ الحديث.
وأخرج ابن جرير (9) عن هنّاد بن السريّ، قال: حدثنا يونس بن بكير، قال: حدثني أبو معشر المدني، عن محمد بن قيس فذكر نحوه.
وأخرج البزّار في (مسنده) (10) عن أحمد بن محمد بن سعيد الأنماطي، عن عبد الرحمن بن عبد الله سعد الدشتكي، عن أبي جعفر الرازي، عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) قال: صنع لنا عبد الرحمن بن عوف طعاماً، فدعانا فأكلنا وشربنا من الخمر، فلما أخذت الخمر فينا وحضرت الصلاة أمروا رجلا فصلى بهم فقرأ: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون). قال البراز: وهذا الحديث لا نعلمه يروى عن علي (عليه السلام) متصل الإسناد إلا من حديث عطاء بن سائب، عن أبي عبد الرحمن.
قال: وإنما كان ذلك قبل تحريم الخمر، فحرّمت من أجل ذلك (11).
قال: لا يخفى عليك ما في هذا الحرف الأخير من كلامه، فإن القوم رووا ما يفيد أن تحريم الخمر لم يكن بسبب هذه القصة، بل لأمر آخر يأتي ذكره إن شاء الله تعالى.
وأخرج الحاكم في (المستدرك) (12) عن محمد بن علي بن دحيم الشيبانيّ، قال: حدثنا أحمد بن حازم الغفاريّ، حدثنا أبو نعيم وقبيضة، قالا: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فالتُبس عليه، فنزلت: (لاتقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، الآية.
وأخرج في (المستدرك) (13) أيضا عن أبي عبد الله محمد بن يعقوب الحافظ، قال: حدثنا علي بن الحسن، حدثنا عبد الله بن الوليد، حدثنا سفيان.
قال الحاكم: وحدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبريّ، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا وكيع، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن السُّلمي، عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار قبل أن تحرم الخمر، فتقدم عبد الرحمن بن عوف وصلى بهم المغرب، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فالتبس عليه فيها، فنزلت: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى).
قال الحاكم: هذا الحديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وقد اختلف فيه على عطاء بن السائب من ثلاثة أوجه، وهذا أوّلها وأصحها.
و (الوجه الثاني) حدثناه أبو زكريا العنبريّ، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرحمن بن مهدي، حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) أنه كان هو وعبد الرحمن ورجل آخر يشربون الخمر، فصلى بهم عبد الرحمن بن عوف، فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فخلط فيها فنزلت: (لا تقربوا الصلاو وأنتم سكارى).
و (الوجه الثالث) حدثنا العنبري، حدثنا أبو عبد الله البوشنجي، حدثنا مسدّد بن مسرهد، أنبأنا خالد بن عبد الله، عن عطاء بن السائب، عن أبي عبد الرحمن، أن عبد الرحمن صنع طعاما، قال: فدعا ناسا من أصحاب النبي (صلى الله عليه وآله) فيهم علي بن أبي طالب، فقرأ: قل يا أيها الكافرون، لا أعبد ماتعبدون ونحن عابدون ماعبدتم، فأنزل الله عز وجل: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
قال الحاكم: (14) هذه الأسانيد كلها صحيحة، والحكم لحديث سفيان الثوري، فإنه أحفظ من كل من رواه عن عطاء بن السائب.
وأخرج الواحدي في (أسباب النزول) (15) عن أبي بكر الأصبهاني، قال: أخبرنا أبو الشيخ الحافظ، قال: حدثنا أبو يحيى، قال: حدثنا سهل بن عثمان، قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الإفريقي، قال: حدثنا عطاء، عن أبي عبد الرحمن، قال: صنع عبد الرحمن بن عوف طعاما ودعا أناسا من أصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله) فطعموا وشربوا، وحضرت المغرب فتقدم بعض القوم فصلى بهم المغرب فقرأ: (قل يا أيها الكافرون) فلم يقمها، فأنزل الله تعالى: (ياأيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون).
هذا ماوقفنا عليه من طرق الحديث، على العجالة، ولا يخلو كل منها من مقال، فلنبين ذلك على حسب ما يسعه المجال.

فصل: مناقشة الروايات

فأما رواية الترمذيّ، ففي طريقها أبو جعفر الرازي التميمي ـ مولاهم ـ يقال: أسمه عيس بن أبي عيسى ماهان، وقيل عيسى بن أبي عيسى عبد الله بن ماهان.
قال عبد الله بن أحمد عن أبيه: ليس بقوي في الحديث، وقال عبد الله بن علي المديني عن أبيه: هو نحو موسى بن عبيدة.
قلت: قد قال ابن المديني في موسى بن عبيدة: إنه ضعيف الحديث، حدّث بأحاديث مناكير (16).
وقال عمرو بن علي الفلاّس: أبو جعفر الرازيّ فيه ضعف، وقال أبو زرعة: شيخ يَهِمُ كثيرا، وقال النسائي والعجليّ: ليس بالقويّ، وقال ابن حبّان: كان ينفرد عن المشاهير بالمناكير، لا يعجبني الاحتجاج بحديثه إلا فيما وافق الثقات، وقال الساجيّ: ليس بمتقنٍ، وقال عمرو بن علي وابن خرّاش: سيّئ الحفظ، وقال ابن معينٍ: يكتب حديثه ولكنه يخطئ (17).
وفي الطريق أيضا عطاء بن السائب، قال شعبة: ثلاثة في القلب منهم هاجسٌ: عطاء بن السائب ويزيد بن أبي زيادٍ ورجل آخر، وقال أبو طالب عن أحمد: من سمع منه قديما فسماعه صحيح، ومن سمع منه حديثا لم يكن بشيءٍ.
قال: وكان يرفع عن سعيد بن جبير أشياء لم يكن يرفعها.
وقال وهيب: لما قدم عطاء البصرة قال: كتبت عن عبيدة ثلاثين حديثا، ولم يسمع من عبيدة شيئا، وهذا اختلاط شديد.
وقال شعبة أيضا: حدثنا عطاء بن السائب ـ وكان نسياً ـ وقال ابن معين: ليث بن أبي سليم ضعيف، ومثله عطاء بن السائب، وجميع من سمع من عطاءٍ بعد الاختلاط (18).
وذكر العجليّ: أن عطاء بآخره كان يتلقن إذا لقنوه في الحديث، لأنه كان غير صالح الكتاب، وقال أبو حاتم: في حفظه تخاليط كثيرة، رفع أشياء كان يرويها عن التابعين ورفعها إلى الصحابة، وقال الدارقطني في (العلل): اختلط ولم يحتجوا به في الصحيح، ولا يحتج من حديثه إلا بما رواه الأكابر، شعبة والثوريّ ووهيب ونظراؤهم (19).
ثم إن ابن السائب قد تفرد بهذا الحديث عن أبي عبد الرحمن عبد الله بن حبيب ابن ربيعة السلمي القارئ، وقد قال ابن أبي حاتم عن أبيه: ليست تثبت روايته عن علي (عليه السلام) وعن الواقديّ: أنه شهد مع علي (عليه السلام) صفّين ثم صار عثمانياً (20).
فإذا كان حال الرجل ـ عن القوم (21) ـ فكيف يعول عليه ويركن إليه في حديثه هذا عن أمير المؤمنين (عليه السلام)، بل إنه يكون متهما في ذلك بلا ريب، هذا إن ثبتت روايته عنه عليه الصلاة والسلام، وإلا فهو أول الكلام.
ومن هذا وأضرابه تذعن بأن أبا عيسى الترمذي لا ينبغي الا سترواح إلى تصحيحاته وتحسيناته للأحاديث، لتساهله في ذلك، وقد حكم على هذا الحديث بأنه حسن الصحيح مع ما ترى في إسناده من الوهن، وكم له في هذا الباب من زلّةٍ نبّه عليها أهل هذا الشأن (22).
حكى الإمام الزيلعي في (نصب الراية) (23) عن ابن دحية أنه قال في كتابه (العلم المشهور): كم حسّن الترمذي في كتابه من أحاديث موضوعة وأسانيد واهيةٍ.
وقال الحافظ شمس الدين الذهبي بترجمة إسماعيل بن رافع المدني في (ميزان الاعتدال) (24) ـ بعدما حكى تضعيفه عن جماعة من أئمة الجرح والتعديل ـ: ومن تلبيس الترمذي أنه قال: ضعفه أهل العلم.
وقال أيضا بترجمة كثير بن عبد الله المزني المدني من (الميزان) (25) بعد ذكر رواية الترمذي من حديثه: (الصلح جائز بين المسلمين) وتصحيحه: لايعتمد العلماء على تصحيح الترمذي.
وقال أيضا بترجمة يحيى بن يمان العجلي الكوفي ـ عقب ذكر حديث من طريقه ـ حسنه الترمذي مع ضعف ثلاثةٍ فيه ـ فلا يغتر بتحسين الترمذي، فعند المحاقة غالبها ضعاف (26).
قلت: لقد صدق الذهبي وبر، وناهيك بهذا الحديث شاهد صدقٍ على ما ذكر، فالله المستعان.
وقال الشيخ العلامة أبو العلى محمد بن عبد الرحمن المباركفوري في مقدمة (تحفة الأحوذي بشرح جامع الترمذي) (27): أعلم أن الإمام أبا عيسى الترمذي ـ مع إمامته وجلالته في علوم الحديث، وكونه من أئمة هذا الشأن ـ متساهل في تصحيح الأحاديث وتحسينها.
وأما رواية أبي داود، ففي إسناده ـ مضافا إلى عطاء وأبي عبد الرحمن السلمي ـ سفيان بن سعيد الثوري، وهو وإن سمع من عطاء قبل الاختلاط بيد أنه مشهور بتدليس التسوية.
قال الخطيب البغدادي: كان الاعمش وسفيان يدلسان تدليس التسوية، وهو شرّ أنواع التدليس وأقبحه ـ كما قال الحافظ العلائي ـ.
وقال الحافظ ابن حجر: لا شك أنه جرح، وإن وصف به الثوري والأعمش فلا اعتذار أنهما لا يفعلانه إلا في حق من يكون ثقة عندهما، ضعيفا عند غيرهما (28).
وقال البقاعيّ: سألت شيخنا: هل تدليس التسوية جرح؟ فقال: لا شك أنه جرح، فإنه خيانة لمن ينقل إليهم وغرور (29).
وفي ترجمة يحيى بن سعيد القطان من (تهذيب التهذيب) (30): قال أبو بكر: سمعت يحيى يقول: جهد الثوريّ أن يدلس عَلَيّ رجلا ضعيفا فما أمكنه، قال مرةً: حدثنا أبو سهل، عن الشعبي، فقلت له: أبو سهل محمد بن سالم؟ فقال: يحيى، ما رأيت مثلك، لا يذهب عليك شيء.
ثم إن الثوري قد عنعن في حديثه هذا عطاء، ولم يذكر سماعا منه، وقد تقرر في محله أن المدلس لا يقبل من حديثه إلا ما صرح فيه بالسماع، فتنبّه.
ومما ذكرنا ظهر لك الحال في رواية النسائي أيضا.
وأما رواية ابن جرير الأولى: ففي إسنادها حمّاد بن سلمة (31)، وقد نقل ابن القطان عن العقيلي أنه قال: سماع حماد بن سلمة من عطاء بن السائب كان بعد الاختلاط (32).
وفي إسنادها أيضا ـ مع إرساله ـ ابن السائب السلمي، وقد قضينا الوطر من الكلام عليهما آنفاً.
وأما روايته الثانية، ففي سندها ـ مضافا إلى رجلين ـ محمد بن بشار بن عثمان البصري المعروف ببُندارا يكذب فيما يروي عن يحيى ـ يعني القطّان ـ.
وقال القواريري: كان يحيى بن معين يستضعفه، وقال أبو داود: لولا سلامة فيه لترك حديثه، وقال محمد بن سيار: كان يقرأ من كل كتاب، وقال عبد الله بن علي المديني: سمعت أبي وسألته عن حديث رواه بندار عن ابن مهدي بإسناده مرفوعا، فقال: هذا كذب، وأنكره أشد الانكار، وقال حدثني أبو داود موقوفا.
وقال عبد الله بن الدورقي: كنا عند ابن معين وجرى ذكر بندار، فرأيت يحيى لا يعبأ به ويستضعفه، قال: ورأيت القواريري لا يرضاه، وقال كان صاحب حمامٍ (33).
وأما روايته الثالثة، ففي إسنادها ـ المرسل ـ أسباط بن نصر الهمداني، قال حرب: قلت لأحمد: كيف حديثه؟ قال: ما أدري، وكأنه ضعفه، وقال أبو حاتم: سمعت أبا نعيم يضعفه، وقال: عامة أحاديثه سقط مقلوب الأسانيد، وقال النسائي: ليس بالقويّ، وقال الساجي في (الضعفاء): روى أحاديث لا يتابع عليها عن سماك بن حرب، وقال ابن معين: ليس بشيء.
وقد أنكر أبو زرعة على مسلم أخرجه لحديث أسباط هذا (34).
وفي إسنادها أيضا السدي، ضعفه يحيى بن معين، وقال ايضا: في حديثه ضعف، وقال الجوزجانيّ: كذّاب، وقال ابو زرعة: لين، وقال أبو حاتم: يكتب حديثه ولا يحتج به، وقال الطبريّ: لا يحتج بحديثه (35).
وأما رواية ابن المنذر، فإسنادها ينتهي إلى عكرمة البربري ـ مولى ابن عباس ـ، وقال سعيد المسيب لغلامه برد: يا برد، لا تكذب عليّ كما يكذب عكرمة على ابن عباس.
وعن يزيد بن أبي زياد قال: دخلت على علي بن عبد الله بن عباس وعكرمة مقيد على باب الحُشّ، قال: قلت ما هذا؟ قال: إنه يكذب على أبي.
وعن عطاء الخراساني قال: قلت لسعيد بن المسيب: إن عكرمة يزعم أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) تزوج مميمونة وهو محرم، فقال: كذب مخبثان.
وقال يحيى بن سعيد الانصاري: كان كذابا، وقال إبراهيم بن المنذر عن معن ابن عيسى وغيره: كان مالك لا يرى عكرمة ثقةً، ويأمر أن لا يؤخذ عنه.
وعن الشافعي: أن مالكا كان سيئ الرأي في عكرمة ثقةً، وقال: ولا أرى لأحد أن يقبل منه.
ونقل الإسماعيلي في (المدخل): أن عكرمة ذكر عند أيوب من أنه لا يحسن الصلاة، فقال: أيوب: أوَكان يصلي؟! وقال ابن أبي ذئبٍ: كان عكرمة غير ثقةٍ (36).
قلت: وهو مع ذلك مبتدع ضالّ ـ لا غفر الله له عثرة ولا أقال ـ فقد كان يرى رأي الخوارج ـ وهم كلاب النار (37) الذيم مرقوا من الدين مروق السهم من الرمية، كما أخبر الصادق المصدق (صلى الله عليه وآله) في الحديث المتفق على صحته (38) ـ فقيل: كان يرى رأي الأباضية ـ وهم من غلاة الخوارج ـ وقيل: كان يرى رأي نجدة الحروريّ، وكان نجدة من أشد الخوارج عداوةً لأمير المؤمنين عليه الصلاة والسلام، وقيل: كان يرى رأي الصفرية، وهم من غلاة الخوارج أيضا (39).
ولما ذكر الشهرستاني في كتاب (الملل والنحل) (40) رجال الخوارج كان عكرمة أول رجل عده منهم.
فإذا كان هذا الشقي المخذول من ألد خصوم أمير المؤمنين (عليه السلام) وأشد الدعاة إلى عداوته ومناوءته، والسعاة في تظليل الناس عنه، فلا غرو أن يبهته بما لفترى عليه من الإثم، ويعزوه إلى برّأة الله منه.
على أن حديثه هذا منقطع الإسناد أيضا كما لا يخفى، فأي حجة تنهض به يأولي الألباب؟
وأما رواية أحمد، ففي طريقها ابو معشر نجيح بن عبد الرحمن السندي المدني، قال عمرو بن علي: كان يحيى بن سعيد لا يحدث عنه ويضعفه ويضحك إذا ذكره وقد قالوا: من تركه يحيى تركناه (41) ـ وقال أحمد: حديثه عندي مضطرب، لا يقيم الإسناد، وقال ايضا: ليس بذاك، وقال بن معين: ليس بقوي في الحديث، وقال ايضا: ضعيف يكتب في حديثه الرقاق، وكان أميا يتقى من حديثه المسند، وقال أيضا: ضعيف إسناده ليس بشيئ، ويكتب رقاق حديثه، وقال ايضا: ليس بشيئ، أبو معشر ريح، وقال البخاري: لا أروي عنه شيئا، وقال صالح بن محمد: لا يسوى حديثه شيئا، وقال ابن سعد: كان كثير الحديث ضعيفا، وقال أبو داود: له أحاديث مناكير، وقال الخليلي: ضعفوه في الحديث (42).
وفي طريقها أيضا أبو وهب ـ مولى أبي هريرة ـ وهو مجهول (43).
وأما أبو هريرة الوسي، فقد بسط الكلام بشأنه ـ بما لا مزيد عليه ـ سيدنا الإمام أبن شرف الدين العاملي رحمه الله ورضي عنه وأرضاه، في تأليف مفرد بيّن فيه زيف أحاديثه وكشف عن حال مروياته، فمن شاء فليرجع إليه فإنه نسيج وحده.
وأما رواية ابن جرير الرابعة، ففي إسنادها المنقطع يونس بن بكير بن واصل الشيباني، قال الآجري عن أبي داود: ليس هو عندي بحجة (44)، وكان يأخذ ابن إسحاق فيوصله بالأحاديث، وقال النسائي: ليس بالقوي، وقال مرّةً: ضعيف، وقال الجوزجاني: ينبغي أن يتثبت في أمره، وقال الساجي: كان ابن المديني لا يحدث عنه، وقال أحمد بن حنبل: ما كان أزهد الناس فيه وأنفرهم عنه، وقال أحمد بن محمد بن محرز: قلت لابن أبي شيبة: ألا تروي عنه؟ قال: كان فيه لين (45).
وفي الإسناد أيضا أبو معشر المدني نجيح بن عبد الرحمن السنديّ، وقد مر الكلام عليه آنفاً.
وأما شيخه محمد بن قيس المدني، فقد قال ابن معين: ليس بشيئ، لا يروى عنه (46).
وأما رواية البزّار، ففي سندها ابو جعفر الرازي وعطاء بن السائب وأبو عبد الرحمن السلمي، وهؤلاء قد تقدم الكلام عليهم وتبين لك حالهم فيما سلف.
وأما روايات الحاكم، فإن في طريقها سفيان الثوري وابن السائب والسلميّ، ورابعها مرسل أيضا (47)، وفيه خالد بن عبد الله الطحان وقد ضعفه ابن عبد البر في (التمهيد) (48) فظهر بذلك تساهل الحاكم في تصحيح هذه الاحاديث.
وأما رواية الواحدي، ففي طريقها ـ المنقطع، المنتهي إلى أبي عبد الرحمن السلميّ ـ أبو عبد الرحمن الإفريقي عبد الله بن عمر بن غانم الرعينيّ ـ قاضي إفريقية ـ قال أبو حاتم: مجهول (49)، وكذا قال الذهبي في (الميزان) (50) وقال أبن حبان في (الضعفاء) (51) روى عن مالك ما لم يحدّث به مالك قط، لا يحل ذكر حديثه ولا الرواية عنه في الكتب إلا على سبيل الاعتبار.
قلت: والظاهر أن سماعه من عطاء كان بعد الاختلاط، بمقتضى ما تقدم.
هذا، وقد قال الحافظ زكيّ الدين المنذريّ في (المختصر سنن أبي داود) (52) بشأن حديث الباب: أخرجه الترمذي والنسائيّ، وفي إسناده عطاء بن السائب، لا يعرف إلا من حديثه، وقد قال يحيى بن معين: لا يحتج بحديثه، وفرق مرة بين حديثه القديم وحديثه الحديث، ووافقه على التفرقة الإمام أحمد.
قال المنذريّ: وقد اختلف في إسناده، فرواه سفيان الثوري وأبو جعفر الرازي عن عطاء بن السائب مسندا، ورواه سفيان بن عيينة وإبراهيم بن طهمان وداود بن الزبرقان عن عطاء فأرسلوه.
فتحصل مما ذكرنا أن هذه الحاديث غير ثابتة من جهة الإسناد البتة، والله المستعان.

فصل: في متون هذه الأحاديث

وأما متون هذه الأحاديث، فقد وقع فيها أختلاف واضطراب أيضا، ففي رواية أبن المنذر عن عكرمة أن عليا (عليه السلام) كان هو الداعي، وفي رواية الترمذي وأبن جرير والواحدي ورواية عند الحاكم أنه كان عبد الرحمن بن عوف، وفي رواية أبي داود وروايتين عند الحاكم: أن الداعي رجل من الأنصار.
واختلف أيضا في إمام القوم الذي صلى بهم يومئذ، فعند الترمذي وأبي داود وابن جرير وابن المنذر ورواية الحاكم، أن عليا (عليه السلام) صلى بهم فخلط في قراءته. وعند النسائي وابن جرير أيضا وروايتين عند الحاكم أن عبد الرحمن بن عوف صلى بهم.
وفي رواية أحمد عن أبي هريرة، وابن جرير عن محمد بن قيس، والواحدي، ورواية عند الحاكم: أُبهم أسم المصلي بهم.
وقد ذكر الحافظ المنذري في (مختصر سنن أبي داود) (53) الاختلاف الواقع في متن هذا الحديث، فقال: وأما الاختلاف في متنه، ففي كتاب أبي داود والترمذي ما قدمناه، وفي كتاب النسائي وأبي جعفر النحاس أن المصلي بهم عبد الرحمن بن عوف، وفي كتاب أبي بكر البزار: أمروا رجلا فصلى بهم، ولم يسمه، وفي حديث غيره: فتقدم بعض القوم.
ونحو ذلك كلام الحافظ ابن حجر في (الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف) (54).
ولا ريب أن مثل هذا الوهن والإضطراب الواقع في هذه المتون والأسانيد قادح في أصل الأحاديث، موجب لسقوطها عن الاعتبار عند أهل هذا الشأن، فما كان هذا حاله كيف يؤخذ به ويعول عليه؟ أم كيف يصحح ويودع في (السنن) وأمهات دواوين الإسلام؟! نبؤونا يا أولي البصائر والأحلام.

فصل: دلائل على افتراء هذه الرواية

وإذا تحققت أن هذه الأحاديث لم يثبت شيء منها البتة، فاعلم أنها مندفعة أيضا من وجوه عديدة نذكرها مستعينين بحول الله تعالى وقوته.
فأول ما يبطلها ويدفعها ما رواه الهادي إلى الحق يحيى بن الحسين بن القاسم بإسناده إلى أمير المؤمنين (عليه السلام) قال: ثلاث ما فعلتهن قط ولا أفعلهن أبدا: ما عبدت وثنا قط، وذلك لأني لم أكن لأعبد ما يضرني ولا ينفعني، ولا زنيت قط، وذلك لأني أكره في حرمة غيري ما أكره في حرمتي، ولا شربت خمرا قط، وذلك أني لما يزيد في عقلي أحوج مني إلى ما ينقص منه (55).
وعن بريد الأسلمي قال: قال النبي (صلى الله عليه وآله): قال جبرائيل: إن حفظة عليّ تفتخر على الملائكة لم تكتب عليه خطيئة منذ صحباه.
وقال الحسن: والله ما شرب الخمر قبل تحريمها (56).
ويدل على افتراء هذه الحكاية، وبرائة الإمام علي ّ (عليه السلام) ونزتهته مما عزي إليه ـ زورا وبهتانا ـ من شرب الخمر، قول الله عز سلطانه في آية المباهلة: (فَمَنْ حَاجَّكَ فِيهِ مِنْ بَعْدِ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ فَقُلْ تَعالَوْا نَدْعُ أَبْناءَنا وَأَبْناءَكُمْ وَنِساءَنا وَنِساءَكُمْ وَأَنْفُسَنا وَأَنْفُسَكُمْ ثُمَّ نَبْتَهِلْ فَنَجْعَلْ لَعْنَتَ اللهِ عَلَى الْكاذِبِينَ). (سورة آل عمران: الآية 61).
ولا خلاف بين أهل الإسلام في أن النبي (صلى الله عليه وآله) لم يدع للمباهلة سوى الحسنين وأبوهما صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين.
أخرج مسلم في (صحيحه) (57) عن سعد ابن أبي وقاص ـ في حديث ـ قال: لما نزلت هذه الآية دعا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عليا وفاطمة وحسنا وحسينا فقال: (اللهم هؤلاء أهلي).
والمراد ب (أنفسنا) عليّ (عليه السلام) خاصة، لانه (صلى الله عليه وآله) لم يدع للمباهلة ـ التي هي من قواعد النبوة ومؤسساتها ـ من الرجال أحدا غيره، ولاريب أنه ليس المراد به أم نفس علي (عليه السلام) هي نفس النبي (صلى الله عليه وآله) لبطلان الآتحاد، فيكون المراد مثله ومساويه إلا في النبوة.
قال الإمام الطبرسي: (58) ولا يجوز أن يكون المعنى به النبي (صلى الله عليه وآله) لانه هو الداعي، ولا يجوز أن يدعو الإنسان نفسه، وإنما يصح أن يدعو غيره.
قال الشيخ الطبرسي: وإذا كان قوله: (وأنفسنا) لا بد أن يكون إشارة إلى غير الرسول (صلى الله عليه وآله) وجب أن يكون إشارة إلى علي (عليه السلام)، لانه لا أحد يدعي دخول غير أمير المؤمنين والسيدة الزهراء وولديهما في المباهلة.
وهذا يدل على غاية الفضل، وعلو الدرجة، والبلوغ منه إلى حيث لايبلغه أحد، إذ جعله الله نفس الرسول، وهذا ما لا يدانيه فيه أحد ولا يقاربه.
وقد حكى الفخر الرازي ذلك في (تفسيره) (59) ولم يناقش فيه، مع أن دأبه التشكيك في الضروريات، وما ذلك إلا لظهور هذا الامر ووضوحه ـ والله الحمد ـ حتى عند إمام المشككين.
فاذا ثبت مساواة الإمام علي (عليه السلام) للنبي (صلى الله عليه وآله) فيما عدا النبوة، ثبت أنه (عليه السلام) لم يشرب الخمر قط، لثبوت العصمة المطلقة له بذلك كثبوتها له (صلى الله عليه وآله)، ولم يثبت أن الأنبياء (عليهم السلام) شربوا الخمر في وقت أصلا ـ كما قال الآلوسي (60) ـ بل أن ذلك مقطوع به، لا يرتاب فيه ذو تحصيل لمكان العصمة التي هي من لوازم النبوة الضرورية.
ومما يرد هذه الفرية، ويدفع هذه القصة المكذوبة، أن الله تبارك وتعالى قد وصف الخمر في كتابه العزيز بأنها رجس ـ أي قذر تعاف عنه العقول (61) ـ فقال عز وجل: (إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنْصابُ وَالأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) (سورة المائدة: الآية 90).
والرجس ـ كما عن بن عباس ـ عمل الشيطان وما ليس لله فيه رضىً (62).
وقال الراغب الأصفهاني: الرجس الشيء القذر، والرجس من جهة الشرع الخمر والميسر (63).
وقال بن عطية: الرجس أسم يقع على الأثم والعذاب وعلى النجاسات والنقائض، فأذهب الله جميع ذلك عن أهل البيت (عليهم السلام).
وقال الأزهري: الرجس اسم لكل مستقذر من عمل وغيره.
وقال ابن منظور في (لسان العرب) (64): الرجس قذر، وكل قذر رجس، وقد عبر به عن الحرام والفعل القبيح والعذاب زاللعنة والكفر.
وكيفما كان، فالرجس محرم العين، وقد أذهبه الله تعالى عن أهل البيت (عليهم السلام) ـ ومنهم الإمام علي (عليه السلام) ـ وطهرهم منه تطهيرا، كما في آية التطهير (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً). (سورة الأحزاب: الآية 30)، فثبت عصمة أمير المؤمنين (عليه السلام) من تناول الخمر وتعاطيه.

فصل: في أسباب نزول آية تحريم الخمر

إن سبب نزول قوله تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، إذ قد صح أن سبب نزولها أمر آخر غير ما جاء في تلك الأحاديث.
فقد أخرج أبن شيبة وأحمد وعبد بن حميد وأبو داود والترمذي ـ وصححه ـ والنسائي وأبو يعلى وأبن جرير وأبن منذر وأبن أبي حاتم والنحاس في (النسخ والمنسوخ) وأبو الشيخ وابن مردويه والحاكم ـوصححه ـ والبيهقي والضياء المقدسي في (المختار) (65) عن عمر أنه قال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فإنها تذهب المال والعقل، فنزلت: (يسألونك عن الخمر والميسر) التي في سورة البقرة، فدعي عمر فقرأت عليه، فقال: اللهم بين لنا في الخمر بيانا شافيا، فنزلت الآية التي في سورة النساء: (يا أيها الذين آمنوا لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى)، فكان منادي رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذا أقام الصلاة نادى أن لاتقربن الصلاة سكران، فدعي عمر فقرأت عليه، فلما بلغ: (فهل انتم منتهون) قال عمر: انتهينا انتهينا.
وقد عدوا ذلك من موافقات عمر للقرآن (66).
فهذا الحديث الصحيح ـ عند القوم ـ قد أفصح عن سبب نزول الآية، ألا وهو سؤال عمر أن يبين الله لهم في الخمر بيانا شافيا، ودفع ما اختلفه بعض من لا خلاق له من أن سبب نزول الآية كان شرب الإمام علي (عليه السلام) للخمر مع نفر من الصحابة، وتخليطه في قراءة سورة الكافرون في الصلاة، فتنبه هداك الله وسددك.

فصل: شبهة

واعلم ـ رحمك الله ـ أن الخمر ما زالت محرمة في جميع الأديان والشرائع الحقة، وهذا هو ثابت المقطوع به عند أئمة العترة الطاهرة سلام الله عليهم أجمعين، وعليه انعقد إجماع أهل الحق قاطبة، وهذا يبطل القول بأن الخمر كانت مباحة في شريعة الإسلام ثم نسخ ذلك واستقر التحريم.
فعن أبي جعفر محمد بن علي الباقر (عليه السلام) قال: ما زالت الخمر في علم الله وعند الله حرام، وأنه لا يبعث الله نبيا ولا يرسل رسولا إلا ويجعل في شريعته تحريم الخمر، وما حرم الله حراما فأحله من بعد إلا للمضطر، ولا أحل الله حلالا قط ثم حرمه (67).
وروى زرارة بن أعين عن أبي جعفر وأبي عبد الله (عليهما السلام) قالا: مابعث الله عز وجل نبيا قط إلا وفي علم الله تبارك وتعالى أنه إذا أكمل له دينه كان فيه تحريم الخمر، ولم تزل الخمر حراما (68).
وعن محمد بم مسلم قال: سُئل أبو عبد الله (عليه السلام) عن الخمر، فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله): إن أول ما نهاني عنه ربي عز وجل عن عبادة الأوثان وشرب الخمر وملاحاة الرجال (69).
هذا، ولكن جمهور مخالفينا على أن الخمر كانت مباحة في هذه الشريعة ثم حرمت، نعم حكى النووي في (شرح صحيح مسلم) (70) عن بعضهم أنه قال: إن السكر لم يزل محرما، لكن تعقبه النووي فقال: إنه باطل لا يعرف أصلا.
وقال الخطيب الشربيني الشافعي في (مغني المحتاج) (71): قيل كان المباح الشرب إلى ما لا ينتهي إلى السُّكر المزيل للعقل، فإنه حرام في كل ملةٍ، حكاه ابن القشيري في (تفسيره) عن القفال الشاشي.
قلت: هذا باطل مردود، فإن شرب الخمر لم يزل محرما في جميع الشرائع.
ثم أن النووي غفل عما قال، فنقل احتجاج الجمهور على تحريم جميع الأنبذة المسكرة ـ ساكتا عليه ـ: بأن الله تعالى نبه على أن علة تحريم الخمر كونها تصد عن ذكر الله وعن الصلاة (72).
وهو يقتضي أن يكون التحريم قد وقع بمكة ـ على أقل الأحوال ـ لأن الصلاة فرضت بها في أول الإسلام، وإلا فكون الخمر تصدّ عن ذكر الله تعالى يقتضي تحريمها في الأزل، لأن ما يصد عن ذكر الله يلزم العبد اجتنابه، وهذا مطرد في جميع الشرائع والأديان، وفي كل عصر وزمان.
وذكر الخطيب الشربيني في (شرح المنهاج) (73) اختلاف أصحابه الشافعية في أن شرب المسلمين للخمر في أول الإسلام، هل كان استصحابا منهم بحكم الجاهلية أو بشرع في إباحتها، قال: فرجح الماوري الأول، والتووي الثاني.
وأنت خبير بأن مارجحه النووي لا دليل عليه من جهة الشرع، لأن إباحة الخمر ـ عنده ـ في أول الإسلام، إما أن يكون ثابتة باستصحاب الشريعة السابقة، ولا سبيل إلى إثباته مطلقاً.
وإما أن تكون ثابتة بنص من الشارع، ولا نص بالإتفاق.
وإما أن تكون ثابتة بالتقرير والسكوت وعدم الإنكار، وقد يستدل له بما مر من حديث أبي هريرة ـ عند أحمد ـ (74) قال: حرمت الخمر ثلاث مرات، قدم رسول الله (صلى الله عليه وآله) المدينة ـ وهم يشربون الخمر ويأكلون الميسر ـ فسألوا رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك فأنزل الله تعالى: (يسألونك عن الخمر والميسر) فقال الناس: لم تحرم علينا؟ إنما قال: (فيهما إثم كبير) فكانوا يشربون ـ الحديث.
على أن تحريم الخمر ـ عند أكثرهم ـ كان بعد أُحد (75) وذكر ابن إسحاق أنه كان في وقعة بني نضير، وهي بعد وقعة أُحد وذلك سنة أربع على الراجح (76)، وجزم الدمياطي في (سيرته) بأن تحريم الخمر كان سنة الحديبية، والحديبية كانت سنة ست، وقيل بعد غزوة الأحزاب بأيام (77)، وكانت سنة خمس، وإسلام أبي هريرة كان عام خيبر (78) سنة سبع من الهجرة النبوية المباركة، فمن أين شهد التحريم؟
نعم استظهر الحافظ ابن حجر في (شرح البخاري) (79) أن تحريم الخمر كان عام الفتح سنة ثمان، لكنه خلاف مشهور عندهم.
وقد يستدل أيضا بما أخرجه أبو داود الطيالسي في (مسنده) (80) عن محمد بن أبي حميد، عن أبي توبة المصري، قال: سمعت أبن عمر يقول: نزلت في الخمر ثلاث آيات، فأول شيء نزل: (يسألونك عن الخمر والميسر) فقيل: حرمت الخمر، فقيل: يا رسول الله ننتفع بها ـ كما قال الله عز وجل ـ فسكت عنهم، ثم نزلت هذه الآية: (لا تقربوا الصلاة وأنتم سكارى) فقيل: حرمت، فقالوا: يا رسول الله، إنا لا نشربها قرب الصلاة، فسكت عنهم، ثم نزلت: (يا أيها الذين آمنوا إنما الخمر والميسر)، فقال رسول الله (صلى الله عليه وآله): حرمت الخمر.
وفي إسناده: محمد بن أبي حميد، قال أحمد: أحاديثه مناكير، وقال ابن معين: ضعيف، ليس حديثه بشيء، وقال الجوزجاني: واهي الحديث ضعيف، وقال ابن معين والبخاري والساجي: منكر الحديث، وقال النسائي: ليس بثقة، وقال أبوزرعة: ضعيف الحديث، وقال أبو حاتم: منكر الحديث، ضعيف الحديث، ويروي عن الثقات المناكير، وقال أبو داود والدارقطني: ضعيف، وقال ابن حبان: لا يحتج به (81).
على أن الخطيب البغدادي قد روى في (تاريخه) (82) عن عائشة قالت: لما نزلت سورة البقرة نزل فيها تحريم الخمر، فنهى رسول الله (صلى الله عليه وآله) عن ذلك.
فإن قيل: إنكم قد رويتم أيضا نحو هذين الحديثين (83).
قلنا: هو حديث مرسل مضمر، فلا يقاوم الأحاديث المتقدمة الدالة صريحا على كون الخمر لم تزل محظورة في جميع الشرائع والأديان.
وكيف ما كان، فحرمة الخمر مما تطابقت عليها الشرائع الحقة القويمة، والعقول السليمة، والفِطَر المستقيمة، وإذا كان الأمر في الواقع كذلك، وأمنعت فيما ذكرناه لك إمعان المنقب الباحث، تحققت كذب ما عزي إلى أشرف الخلق بعد رسول الله (صلى الله عليه وآله) من تناوله أم الخبائث.
والعقل السليم أيضا قاضٍ بقبح تناول الخمر وتعاطيها، لمفاسدها ومضارها، فلذلك لم يزل عقلاء بني آدم جتنبونها أشد اجتناب، فلا يقربونها ولا يحومون حولها.

الخاتمة

وإذ بينا لك بطلان هذا الحديث من جهة الصناعة، فاعلم أن الحاكم النيسابوري قد أشار ـ وكفى به حاكما عدلا ـ إلى بطلان هذه القصة في (المستدرك على الصحيحين) (84) فقال: أخبرنا محمد بن علي بن دحيم الشيباني، حدثنا أحمد بن حازم الغفاري، حدثنا أبو نعيم وقبيصة قالا: حدثنا سفيان، عن عطاء بن السائب، عن ابي عبد الرحمن، عن علي (عليه السلام) قال: دعانا رجل من الأنصار قبل تحريم الخمر، فحضرت صلاة المغرب فتقدم رجل فقرأ (ةقل يا أيها الكافرون) فالتبس عليه فنزلت: (لاتقربوا الصلاة وانتم سكارى حتى تعلموا ما تقولون)، قال الحاكم: حديث صحيح الإسناد ولم يخرجاه، وأقره الذهبي على تصحيحه.
ثم قال الحاكم: وفي هذه الرواية فائدة كبيرة، وهي أن الخوارج تنسب هذا السكر وهذه القراءة إلى أمير المؤمنين علي بن ابي طالب (عليه السلام) دون غيره، وقد برأه الله منها، فإنه راوي هذا الحديث.
قلت: والذي يهون الخطب ويسهل الأمر أن شانئي أمير المؤمنين (عليه السلام) ومبغضيه ـ قبحهم الله ـ قد وضعوا في ذمّه ما هو أعظم من هذه الأكذوبة وأشنع، ورموه بما هو أنكى من هذه الفرية وأفظع ـ وأن كانت هي أيضا عظيمة ـ.
فقد روى عبد الرزاق عن معمر قال: ما تصنع بهما وبحديثهما؟ الله أعلم بهما، إني لأتهمهما في بني هاشم (85).
فروى الزهري أن عروة بن الزبير حدثه، قال: حدثتني عائشة قالت: كنت عند رسول الله (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل العباس وعلي، فقال: يا عائشة، إن هذين يموتان على غير ملتي، أو قال: ديني.
وروى الزهري أيضا عن عروة أن عائشة حدثته، قالت: كنت عند النبي (صلى الله عليه وآله) إذ أقبل العباس وعلي فقال: يا عائشة، إن سرك أ تنظري إلى رجلين من أهل النار فانظري إلى هذين قد طلعا، فنظرت فإذا العباس وعلي بن أبي طالب (86).
وحكى الحافظ ابن حجر بترجمة حريز بن عثمان الرحبي الحمصي من (تهذيب التهذيب) (87) عن إسماعيل بم عياش قال: سمعت حريز بن عثمان يقول: هذا الذي يرويه الناس عن النبي (صلى الله عليه وآله) أنه قال لعلي (عليه السلام): (أنت مني بمنزلة هارون من موسى) حق، ولكن أخطأ السامع، قلت: فما هو؟ فقال: إنما هو: (أنت مني بمزلة قارون من موسى) قلت: عمن ترويه؟ قال سمعت الوليد بن عبد الملك يقوله على المنبر.
وحكى الأزدي في (الضعفاء) (88): أن حريز بن عثمان روى أن النبي (صلى الله عليه وآله) لما أراد أن يركب بغلته جاء علي بن ابي طالب فحل حزام البغلة ليقع النبي (صلى الله عليه وآله).
قال الأزدي: من كانت هذه حاله لا يروى عنه.
وقال ابن عدي في (الكامل) (89): قال يحيى بن صالح الوحاظي: أملى علي حريز بن عثمان عن عبد الرحمن بن ميسرة عن النبي (صلى الله عليه وآله) حديثا في تنقيص علي بن ابي طالب (عليه السلام) لا يصلح ذكره، حديث معتل منكر جدا، لا يروي مثله من يتقي الله، قال الوحاظي: فلما حدثني بذلك قمت عنه وتركته. ثم أعجب من قوم يصفون هذا الكذاب الأشر بالثقة وصحة الحديث.
وبالجملة فالنواصب والخوارج لم يألوا جهدا في الحط على أمير المؤمنين وسيد الوصيين والوقيعة فيه والنيل منه، وحديث تناوله الخمر من هذا القبيل، كما لا يخفى على من أنار الله قلبه وأوضح له السبيل.
ولله در من قال:
عليّ على الإسلام والدين نشا***ولا عبد الأوثان قط ولا انتشــــــــــــا
وقد عبد الرحمن طفلاً ويافعاً***وذلك فضل الله يؤتيه مـــن يشـا (90)

الهوامش

1- سنن الترمذي: 5/83 ح 3026، كتاب تفسير القرآن، باب: ومن سورة النساء ـ الدر المنثور: 2/164 ـ 165.
2 - سنن أبي دادو: 2/350 ح3671 كتاب الأشربة، باب تحريم الخمر.
3- كما في تحفة الأشراف بمعرفة الأطراف: 7/70 ـ ولكنا لم نقف عليه في المطبوع من السنن الكبرى والصغرى للنسائي، وانظر: الكافي الشاف في تخريج أحاديث الكشاف: 44.
4- جامع البيان في تفسير القرآن: 5/61.
5- جامع البيان: 5/61.
6- الدرّ المنثور في التفسير بالمأثور: 2/165.
7- جامع البيان: 2/212.
8- مسند أحمد: 2/351.
9- جامع البيان: 7/22.
10- البحر الزاخر: 2/211.
11- البحر الزاخر: 2/212.
12- المستدرك على الصحيحين: 2/307 ـ كتاب التفسير.
13- مستدرك على الصحيحين: 4/142 ـ كتاب الأشربة.
14- المستدرك على الصحيحين: 4/142 ت 143، كتاب الأشربة.
15- أسباب النزول: 184.
16- تهذيب التهذيب: 5/572 ـ 573.
17- تهذيب التهذيب: 6/325.
18- أنظر: التقييد والإيضاح: 423 ـ 424.
19- تهذيب التهذيب: 4/131 ـ 133.
20- تهذيب التهذيب: 3/122.
21- وأما عندنا ـ معاشر الإمامية ـ فقد عده البرقي في (رجاله) من خواص أمير المؤمنين (عليه السلام).
22- ولمحمد ناصر الدين بن نوح الألباني كتاب (ضعيف سنن الترمذي).
23- نصب الراية في تخريج أحاديث الهداية: 2/217 ـ 218.
24- ميزان الاعتدال في نقد الرجال: 1/227.
25- ميزان الاعتدال: 3/407.
26- ميزان الاعتدال: 4/416.
27- تحفة الأحوذي (المقدمة): 275.
28- تدريب الراوي في شرح تقريب النواويّ: 1/188.
29- فتح المغيث بشرح ألفية الحديث: 82.
30- تهذيب التهذيب: 6/139.
31- كما في الكافي الشاف: 44.
32- تهذيب التهذيب: 4/132.
33- هدي الساري: 459 ـ تهذيب التهذيب: 5/48 ـ ميزان الاعتدال: 3/490.
34- تهذيب التهذيب: 1/137.
35- تهذيب التهذيب: 1/199 ـ 200.
36- تهذيب التهذيب: 4/169 ـ 170.
37- الجامع الصغير من أحاديث البشير النذير: 252 ح 4148.
38- فضائل الخمسة من الصحاح الستة: 2/444 ـ 449.
39- تهذيب التهذيب: 4/169.
40- الملل والنحل: 100.
41- تهذيب التهذيب: 6/140 ـ ترجمة يحيى بن سعيد القطان.
42- تهذيب التهذيب: 5/611 ـ 612، الكافي الشاف: 59.
43- مسند أحمد بتعليق الشيخ أحمد بن محمد بن شاكر: 16/254.
44- تذكرة الحفاظ: 1/327.
45- تهذيب التهذيب: 6/275.
46- تهذيب التهذيب: 5/265.
47- تلخيص المستدرك على الصحيحين: 4/142 ـ كتاب الأشربة.
48- تهذيب التهذيب: 2/63.
49- الجرح والتعديل: 5/110.
50- ميزان الاعتدال: 2/464.
51- كتاب المجروحين: 2/39.
52- مختصر سنن أبي داود: 5/259.
53- مختصر سنن أبي داود: 5/259.
54- الكافي الشاف: 44.
55- درر الأحاديث النبوية بالأسانيد اليحيوية: 160.
56- الصراط المستقيم إلى مستحقي التقديم: 1/188.
57- صحيح مسلم ـ كتاب فضائل الصحابة ـ باب من فضائل علي (عليه السلام) ـ، فضائل الخمسة من الصحاح الستة: 1/290 ـ 291.
58- مجمع البيلن في تفسير القرآن: 2/453.
59- مفاتيح الغيب: 8/91.
60- روح المعاني: 2/114.
61- روح المعاني: 7/15.
62- مجمع البيان: 8/356.
63- معجم مفردات ألفاظ القرآن: 193.
64- لسان العرب: 3/38 ـ مادة (رجس).
65- الدر المنثور: 1/252، وصححه علي بن المديني أيضا ـ أنظر: فتح الباري: 8/129.
66- تاريخ الخلفاء: 122 ـ 123، الصواعق المحرقة: 99.
67- الأصول الستة عشر ـ أصل زيد النرسي: 58 ـ مستدرك الوسائل: 17/43.
68- الكافي: 6/395.
69- أمالي الصدوق: 339 كتاب الأوائل للسيوطي.
70- شرح صحيح مسلم: 8/213.
71- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: 4/186.
72- شرح صحيح مسلم: 8/219.
73- مغني المحتاج إلى معرفة معاني ألفاظ المنهاج: 4/186.
74- مسند أحمد: 2/315.
75- الاستيعاب في معرفة الأصحاب: 3/87 ـ مغني المحتاج: 4/186.
76- فتح الباري: 10/34 ـ نيل الاوطار: 8/193.
77- روح المعاني: 2/112.
78- أسد الغابة في معرفة الصحابة: 6/320.
79- فتح الباري: 8/128 ـ 10/34، وانظر: الغدير في الكتاب والسنة والأدب: 7/102.
80- مسند أبي داود الطيالسي: 264 ـ نيل الأوطار: 8/191 ـ 292.
81- تهذيب التهذيب: 5/87.
82- تاريخ بغداد: 8/358 ـ الدر المنثور: 1/252.
83- الكافي: 6/406 ـ 407.
84- المستدرك على الصحيحين: 2/307 ـ كتاب التفسير.
85- شرح نهج البلاغة: 4/64.
86- شرح نهج البلاغة: 4/63 ـ 64.
87- تهذيب التهذيب: 1/466.
88- تهذيب التهذيب: 1/467.
98- الكامل في ضعفاء الرجال: 2/453 ـ تهذيب التهذيب: 1/467.
90- الصراط المستقيم لمستحقي التقديم: 1/188.

الروابط
الأشخاص: السيد حسن آل المجدد الشيرازي‏ [المترجم]
مواقع الإنترنيت: موقع 14 معصوم عليهم السلام
مفاتيح البحث: الخمر،
أكذوبة شرب الخمر المنسوبة لعلي،
شرب الخمر

الفهرسة