الغيبة
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » الغيبة

 البحث  الرقم: 256  التاريخ: 12 ذو القعدة 1429 هـ  المشاهدات: 5147
قائمة المحتويات

تعريف الغيبة

وهي ان يذكر الغير بما يكرهه لو بلغه، سواء كان ذلك بنقص في بدنه أو في اخلاقه أو في أقواله، سواء كانت في افعاله المتعلقة بدينه أو دنياه، بل وإن كان بنقص في ثوبه أو داره أو دابته.
والدليل على هذا التعميم ما رويَ عن الرسول (صلّى الله عليه وآله) انّه قال: «هل تدري ما الغيبة»؟ قالوا: الله ورسوله اعلم، قال: «ذكرك اخاك بما يكره»، قيل له: أرأيت ان كان في أخي ما أقول؟ قال: «إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته، وان لم يكن فيه فقد بهته» [جامع السعادات: 2/76].
والحاصل أن الاجماع والاخبار متطابقان على ان حقيقة الغيبة هو: ان يُذكر الغير بما يكرهه إذا سمعه، سواء كان ذلك بنقص في نفسه أو بدنه، أو في دينه أو دنياه، أو فيما يتعلق به من الاشياء.
واعلم أن الغيبة لا تنحصر باللسان، بل كل ما يفهم نقصان الغير ويعرف ما يكرهه فهو غيبة، سواء كان بالقول أو الفعل، أو التصريح أو التعريض، أو بالاشارة والايماء، أو بالغمز واللمز، أو الكتابة والحركة، ولا ريب في ان الذكر باللسان غيبة محرّمة، لتفهيمه الغير نقصان اخيك وتعريفه بما يكرهه، لا يكون المفهم والمعرِّف لساناً، فكل ما كان مفهماً ومعرّفاً فهو مثله.
والمستمع للغيبة أحد المغتابين، ولا يخرج عن اثم الغيبة إلاّ بأن ينكر بلسانه، أو يقطع الكلام بكلام آخر، أو يقوم من المجلس، وإن لم يقدر على شيء من ذلك، فلينكر بقلبه.

بواعث الغيبة

وبواعث الغيبة: إمّا الغضب أو الحقد أو الحسد، ولها بواعث اخرى منها:
الاول: السخرية وإلاستهزاء، فكما يجري في الحضور يجري في الغيبة أيضاً.
الثاني: اللعب والهزل والمطايبة، فيذكر غيره بما يُضحك الناسَ عليه على سبيل التعجب والمحاكاة.
الثالث: ارادة الافتخار والمباهاة، بان يرفع نفسه بتنقيص غيره.
الرابع: ان ينسب إلى شيء من القبائح، فيريد أن يتبرأ منه بذكر الذي فعله، وكان اللازم عليه ان يبرئ بنفسه منه.
الخامس: مرافقة الأقران ومساعدتهم على الكلام، حذراً من تنفرهم واستثقالهم اياه لولاه، فيساعدهم على اظهار عيوب المسلمين مجاملة في الصحبة، فيهلك معهم.
السادس: أن يستشعر من رجل انه سيذكر مساويه، أو يقبح حاله عند محتشم، أو يشهد عليه بشهادة، فيبادر قبل ذلك باظهار عداوته أو تقبيح حاله، ليسقط اثر كلامه وشهادته.
السابع: الرحمة، وهو أن يحزن ويغتم بسبب ما ابتلى به غيره، فيقول: المسكين فلان قد غمني ما ارتكبه من القبح.
الثامن: التعجب من صدور المنكر والغضب لله عليه، بأن يرى منكراً من انسان أو سمعه، فيقول عند جماعة: ما اعجب من فلان ان يتعارف مثل هذا المنكر.

ذم الغيبة

والغيبة من اعظم المهلكات واشدّ المعاصي، وقد نصّ الله سبحانه على ذمها في كتابه، وشبّه صاحبها باكل لحم الميت، وجاءت السيرة النبوية الشريفة بذلك وبشكل واسع، واخبار أئمة أهل البيت (عليهم السّلام) الواردة في ذم الغيبة لا يمكن حصرها، والعقل حاكم بأن الغيبة اخبث الرذائل، وقد كان السلف لا يرون العبادة في الصوم والصلاة، بل في الكف عن اعراض الناس.
قال الرسول (صلّى الله عليه وآله): «مَنْ حسُنت صلاته وكثرت عياله وقلّ ماله ولم يغتب المسلمين، كان معي في الجنة كهاتين» [جامع السعادات: 2/84].

علاج الغيبة

والعاقل ينبغي ان يتأمل في أن من يغتابه إن كان صديقاً ومحباً له، فإظهار عيوبه وعثراته بعيد عن المروة والانصاف، وان كان عدواً له، فتحمل خطاياه ومعاصيه ونقل حسناته إلى ديوانه غاية الحماقة والجهل.
والطريق في علاج الغيبة وتركها: ان يتذكر اولاً مفاسدها الاخروية، ثم يتذكر مفاسدها في الدنيا، فإنه قد تصل الغيبة إلى من اغتيب، فتنشأ العداوة أو تزداد، وبعد ذلك فليراقب لسانه، فان تضمن كلامه غيبة سكت عنه، وكلف نفسه ذلك على الاستمرار، حتّى يرتفع عن الميل الجلي والخفي إلى الغيبة، والعمدة في العلاج ان يقطع أسبابها المذكورة.

مسوغات الغيبة

وهناك مسوغات للغيبة، حيث يكون الغرض منها صحيحاً لا يمكن الوصول إليه إلاّ به، منها:
الاول: التظلم عند مَنْ له رتبة الحكم واحقاق الحقوق، كالقضاة والمفتين والسلاطين.
الثاني: الاستغاثة على رفع المنكر وردّ المعاصي إلى الصلاح، ويستباح بها ذكر مساءته بالقصد الصحيح لا بدونه.
الثالث: نصح المستشير في الترويج، وايداع الامانة وامثالها.
الرابع: رد مَنْ ادعى نسباً ليس له.
الخامس: القدح في مقالة أو دعوى باطلة في الدين.
السادس: الشهادة على فاعل المحرّم حِسبة.
السابع: ضرورة التعريف، فانه إذا كان أحد معروفاً بلقبٍ يعرب عن عيب، وتوقف تعريفه عليه، ولم يكن اثم بذكره، بشرط عدم امكان التعريف بعبارة اخرى.
الثامن: كون المقول فيه مستحقاً للاستخفاف، لتظاهره وتجاهره بفسق، كالظلم والزنا وشرب الخمر وغير ذلك، بشرط عدم التعدي عما يتظاهر به.

كفارة الغيبة

وكفارة الغيبة ـ بعد التوبة والندم للخروج عن حق الله تعالى ـ ان يخرج من حق من اغتابه، فان كان ميتاً أو غائباً اكثر له من الاستغفار والدعاء، يحسب ذلك يوم القيامة من حسناته ويقابل بها سيئة الغيبة.

الروابط
القاموس: الغيبة
الأشخاص: السيد خالد الموسوي [المراسل]
مفاتيح البحث: الغيبة،
علاج الغيبة،
بواعث الغيبة،
ذم الغيبة،
كفارة الغيبة،
تعريف الغيبة،
...
المواضيع: رذائل الأخلاق

الفهرسة