المكتبة المركزية للعتبة الرضوية المقدسة
المسار الصفحة الرئيسة » المقالات » المكتبة المركزية للعتبة الرضوية المقدسة

 البحث  الرقم: 2506  التاريخ: 27 صفر المظفّر 1430 هـ  المشاهدات: 5964
قائمة المحتويات

1 ـ البداية.. والمسيرة التاريخية

ليس في المعلومات المتوفّرة حول المكتبة المركزية في العتبة الرضوية المقدسة ما يدلّ على التاريخ الذي تأسّست فيه هذه المكتبة. والدراسات المتفرّقة المدوّنة حول بداية عمل المكتبة هي في الواقع تستند إلى إشارات متناثرة مكتوبة في وقفيّات بعض المصاحف الشريفة والكتب النفيسة الموقوفة على هذه المكتبة.
ويبدو أنّ تاريخ تأسيس (دار المصاحف) في العتبة هو تاريخ أقدم مصحف مخطوط كان أبو القاسم علي بن ناصر الدولة محمد بن إبراهيم بن سيمجور قد أوقفه على الروضة المقدسة في سنة 363 للهجرة.
وقد تتابع وقف المصاحف، فكانت هذه النواة التي رأينا بداياتها في القرن الرابع الهجري تنمو وتتّسع باستمرار، ففي وثيقة من القرن الخامس ـ وهي وقفيّة أحد المصاحف ـ ذُيّلت الوقفيّة بتاريخ 421 للهجرة.
وفي ظهر نسخة من تفسير أبي الفتوح الرازي محفوظة في المكتبة قد أوقفها واقفها في القرن التاسع الهجري، وردت الوقفيّة على هذا النحو:
«في الروضة الرضوية الطاهرة توجد مصاحف كثيرة، لكنه لا يوجد كتاب تفسير للقرآن يمكن لجميع الطبقات أن تأخذ منه معاني القرآن. ولهذا أوقف المشار إليه هذا التفسير على الروضة الشريفة بتاريخ سنة 861 الهجرية».
وهذا النصّ يعني أن مكتبة العتبة الرضوية قد كانت موجودة في عام 861 للهجرة، وكانت أبوابها مفتوحة للروّاد من مختلف الطبقات الاجتماعية، وهي تضمّ المصاحف وكتب التفسير ومعاجم اللغة وغيرها.
وفي أواخر القرن الثامن وبدايات القرن التاسع.. شهدت المساجد والمدارس والمراكز الدينية في مدينة مشهد حركة فعّالة، وهذا يعني ـ بالضرورة ـ أنّ المكتبة قد شهدت أيضاً ازدهاراً ملحوظاً واكتسبت أهميّة مُضاعَفة.
ومع الزمن.. أُضيف إلى محتويات المكتبة المزيد من المصاحف والتفاسير وكتب الحديث والأدعية وأنواع من كتب العقائد والفقه واللغة والتاريخ والأدب، وظلّت هذه المكتبة في مدينة مشهد ـ وهي عاصمة دينية كبيرة ـ في نموّ واتّساع، حتّى وُصفت ـ في نصّ وقفيّة كتاب (غاية الوصول) للعلامة الحلّي ـ بأنها «خزانة الكتب». وفي هذا من الدلالة على ارتقاء شأن المكتبة ما لا خفاء فيه. وما زالت هذه المكتبة في مسيرتها التصاعدية.. حتّى وصلت إلى ما وصلت إليه اليوم، باعتبارها من أقدم المكتبات في العالم الإسلامي.
وممّا يدلّ على طول عمر مكتبة العتبة الرضوية المقدسة، ويدلّ أيضاً على الاتّساع المستمرّ فيها: كثرة التسميات التي أُطلقت عليها في أحقاب مختلفة من التاريخ. وهذه التسميات هي:
1 ـ دار مصاحف الإمام.
2 ـ المكتبة المباركة للعتبة المقدسة.
3 ـ مكتبة فيض آثار (وكان قد عُني بالمكتبة).
4 ـ مكتبة مشهد الرضا عليه السّلام.
5 ـ المكتبة المقدّسة للروضة المَرْضيّة الرضوية.
6 ـ المكتبة الرضوية المباركة.
7 ـ مكتبة الأستانة الرضوية المقدسة.
8 ـ المكتبة المركزية للأستانة الرضوية المقدسة.

2 ـ مبنى المكتبة

مبنى المكتبة المركزية الحالي هو في نفسه آية من آيات فنّ العمارة الإسلاميّة التي تستلهم التراث المعماري الفنّي ـ بما فيه من زخارف رائعة وتصاميم في غاية الإبداع ـ وتعتمد في الوقت ذاته الحاجة اليومية والسمة الوظيفية لأجنحة هذه المكتبة الكبيرة.
يتألف مبنى مكتبة العتبة الرضوية المقدسة من ثلاثة طوابق، ويبلغ مجموع مساحتها المبنيّة 800, 28 متر مربع.
وتتسع المكتبة في تصميم بنائها الحالي لتضمّ مليون كتاب بلغات مختلفة كالعربية والفارسية والأنگليزية، وهي قابلة للتوسع حتّى تشتمل على (4) ملايين من الكتب.
وهي مجهزة بنظام كمبيوتري للمعلومات المكتبية، ولحفظ الكتب النفيسة والنسخ المخطوطة. ومجهزة بنظام آلي لنقل الكتب في داخل المكتبة عمودياً وأفقياً.
3 ـ أقسام المكتبة
يحتوي مبنى المكتبة ـ إضافة إلى إدارة المخطوطات ـ على الاقسام التالية:
1 ـ قسم مخزن الكتب المطبوعة. 2 ـ قسم استعارة الكتب (للرجال وللنساء). 3 ـ قاعات مطالعة المخازن المفتوحة (يتناول منها المُراجِع بنفسه ما يريد من الكتب). 4 ـ قاعات الناشئين (للبنين وللبنات). 5 ـ قاعات مطالعة المخازن المغلقة (للرجال والنساء)، وتكون الاستعارة فيها عن طريق مراجعة بطاقات الفهرسة. 6 ـ قاعة المراجع. 7 ـ قاعة الباحثين (للرجال وللنساء). 8 ـ قاعة الخدمات السمعية والبصرية (للرجال وللنساء).

4 ـ إدارة المخطوطات

تضمّ المكتبة المركزية في العتبة الرضوية المقدسة أعداداً كبيرة من المخطوطات النفيسة، يبلغ مجموعها 400, 26 مخطوطة، يُشاهد من بينها:
820, 2 مصحفاً نفيساً.
950, 7 قطعة من المصاحف.
500, 1 مخطوطة مصوَّرة.
هذا، إلى جانب 300, 2 شريط من الأفلام المصغَّرة لمخطوطات في داخل إيران وخارجها.
وتشتمل إدارة المخطوطات في المكتبة على عدّة أقسام، هي:
أولاً: قسم المخطوطات.. الذي يقوم بإعداد المخطوطات وتسجيلها وتقويمها، وإعداد الفهارس.
ثانياً: قسم الأفلام.. التي يُعنى بخدمات التصوير والأفلام المصغّرة.
ثالثا: قسم صيانة وإصلاح المخطوطات والوثائق.
رابعاً: قسم تزيين الكتب فنيّاً.. عن طريق التذهيب، والخط، والرسم، والتصاميم.

5 ـ نشاطات ثقافية

نشاط المكتبة الثقافي اتّسع إلى إنشاء مكتبات أخرى فرعية في مدينة مشهد المقدسة وفي إيران، وحتّى في خارجها، فكانت كالتالي:
(32) مكتبة في مشهد.
(4) مكتبات في مدن محافظة خراسان.
(9) مكتبات في محافظات إيران الأخرى.
مكتبة واحدة في الهند.
إلى جانب المكتبة المركزية والمكتبات الفرعية في مشهد.. ثَمّة ظاهرة ثقافية أخرى تُعرف باسم (المكتبات السيّارة). وهي تقدّم خدماتها على أربعة أشكال.
أولاً: وحدة الخدمات في داخل المدينة، وهي تُعنى بتقوية مكتبات المؤسسات التعليمية المهمّة في داخل مشهد.
ثانياً: وحدة الخدمات في خارج المدينة، ومهمّتها تلبية حاجات القرى والأرياف الواقعة حول مدينة مشهد.
ثالثاً: الوحدة الهاتفية لإيصال الكتب. وتقوم هذه الوحدة بإيصال الكتب إلى طالبيها تلفونياً ممّن يشقّ عليهم مراجعة المكتبة المركزية. كأُسر الشهداء، والمعوّقين، والأساتذة في الحوزة والجامعات وسواهم.
رابعاً: وحدة الإهداء.

6 ـ نماذج من أقدم وأنفَس المخطوطات

تحتفظ مكتبة العتبة الرضوية المقدسة في مدينة مشهد على آلاف من المصاحف المخطوطة والكتب التراثية القيّمة. ومن بين هذه المصاحف الشريفة مجموعات من المصاحف تُعدّ نُسَخاً فريدة متميزة، ويُعدّ عدد منها قليل النظير من حيث مزايا الخط، ونوع الورق، والأعمال الفنية والتذهيبية المنجَزة.
في قسم المخطوطات من هذه المكتبة خمس نُسخ موقوفة من المصحف مكتوبة بالخط الكوفي على جِلد الغزال، منسوبة إلى أمير المؤمنين الإمام عليّ بن أبي طالب عليه السّلام، ومزيّنة بختم (كتبه عليّ بن أبي طالب).
إحدى هذه النسخ موضوعة على الضريح الطاهر للإمام الرضا عليه السّلام، إلى جانب سائر المصاحف الموجودة على الضريح.
ويسرّنا أن نذكر هنا مواصفات لنسختين من المصاحف الشريفة، إحداهما منسوبة إلى الإمام أمير المؤمنين عليه السّلام، والأخرى تُنسَب إلى الإمام أبي الحسن الرضا عليه السّلام.. من ضمن 6 نُسخ تُنمى إلى خط الأئمّة المعصومين سلام الله عليهم أجمعين:
الأول: مصحف بالخط الكوفي، أوّله: من بداية سورة هود إلى آخر سورة الكهف. وهو مكتوب على جلد الغزال، وخُتم بعبارة: (كتبه عليّ بن أبي طالب). وهذا المصحف الكريم يحمل رقم التسلسل (6).
الثاني: مصحف بالخط الكوفي على جلد الغزال، يُنسَب إلى الإمام أبي الحسن الرضا عليه السّلام. يحتوي على قسم من سورة النور، وسورة القصص، والعنكبوت، والروم، ولقمان، والسجدة، والأحزاب، والمؤمن، وفصّلت، والجاثية، والأحقاف، والواقعة، والحديد. ازدانت الصفحة الأولى من المصحف بعبارة (كتبه علي بن موسى)، وهو ممهور بختم خمسة من السلاطين. ويحمل هذا المصحف رقم التسلسل (1586).
ومن المصاحف ـ أو أجزاء المصاحف ـ النفيسة القديمة النادرة.. نذكر عدداً منها قليل النظير:
1 ـ مصحف بالخط الكوفي على جلد الغزال. وقَفه على الروضة الرضوية سنة 363 للهجرة: أبو القاسم علي بن ناصر الدولة أبي الحسن محمد بن إبراهيم بن سيمجور. رقم هذا المصحف (3004).
2 ـ مصحف بالخط الكوفي.. من أول الآية 53 من سورة يوسف إلى آخر سورة إبراهيم، في 142 ورقة. واقفه: أبو القاسم منصور بن محمد بن كثير، سنة 393 للهجرة. رقمه (96).
3 ـ مصحف بالخط الكوفي في عصر نُضجه وتكامله.. من أول الآية 111 من سورة الأنعام إلى أواسط الآية 86 من سورة الأعراف، في 54 ورقة. أوقفه في شهر رمضان عام 421 للهجرة: أبو البركات، بواسطة أبي علي بن حسولة. رقمه (1501).
4 ـ مصحف بالخط الكوفي في أبّان تكامله، مع ترجمة إلى اللغة الفارسية القديمة.. في 204 ورقة. سقطت أوراق من أوله وأوراق من آخره. وهذه النسخة من أعرق ترجمات القرآن الكريم؛ إذ يرجع تاريخها على ما يبدو إلى القرن الهجري الخامس. رقم هذا المصحف (54).
5 ـ مصحف بخط الثلث الجيد، كاتبه: المير عبدالقادر الحسيني الشيرازي الذي كان من أبرز الخطّاطين في القرن العاشر والحادي عشر للهجرة. وهذا المصحف من النفائس الفنية التي بُذلت فيها جهود كبيرة. ويُلاحَظ أن 68 صفحة منه مذهَّبة ومرصّعة، في حين تمتاز سائر الصفحات بحواشيها الرقيقة الفاخرة. عدد أوراق هذا المصحف 339 ورقة. واقفه: السلطان إبراهيم قطب شاه بتاريخ غرّة ربيع الاول عام 970 للهجرة. رقم المصحف (106).
6 ـ مصحف كامل مترجم إلى الفارسية ذو تذهيب فريد، وعلى حواشيه تفسير (خلاصة المنهج) للملاّ فتح الله الكاشاني. وتُعدّ هذه النسخة من أروع وأنفَس المصاحف المترجمة، من حيث فن التذهيب، ومن حيث الدقة والمهارة وما بُذل فيها من جهد ملموس. رقم نسخة هذا المصحف (100).

الروابط
مواقع الإنترنيت: شبكة الإمام الرضا عليه السلام

الفهرسة