سعيد بن المسيب
المسار الصفحة الرئيسة » الرجال » سعيد بن المسيب

 البحث  الرقم: 5190  المشاهدات: 5872
ابن حزن أبو محمد المخزومي، سمع منه (علي بن الحسين عليه السلام)
وروى عنه عليه السلام، وهو من الصدر الأول، رجال الشيخ في أصحاب
السجاد عليه السلام (1).
وعده البرقي أيضا في أصحاب السجاد عليه السلام.
وقال الكشي (54) سعيد بن المسيب:
(قال الفضل بن شاذان: ولم يكن في زمن علي بن الحسين عليهما السلام في
أول أمره إلا خمسة أنفس: سعيد بن جبير وسعيد بن المسيب... رباه أمير المؤمنين
عليه السلام، وكان حزن جد سعيد أوصى إلى أمير المؤمنين عليه السلام).
ثم إن الروايات قد اختلفت في الرجل قدحا ومدحا أما المادحة.
فمنها: ما تقدم في ترجمة أويس القرني من رواية أسباط بن سالم، عن أبي
الحسن موسى بن جعفر عليه السلام، من عد سعيد بن المسيب من حواري
السجاد عليه السلام، وقد ذكرنا أنها ضعيفة السند.
ومنها: ما رواه الكشي في ذيل ترجمته (54):
(محمد بن مسعود، قال: حدثني علي بن الحسن بن فضال، قال: حدثنا محمد
ابن الوليد بن خالد الكوفي، قال: حدثنا العباس بن هلال، قال: ذكر أبو الحسن
الرضا عليه السلام أن طارقا مولى لبني أمية نزل ذا المروة عاملا على المدينة،
فلقيه بعض بني أمية وأوصاه بسعيد بن المسيب وكلمه فيه وأثنى عليه، وأخبره
طارق أنه أمر بقتله وأعلم سعيدا بذلك وقال له: تغيب، وقيل له تنح عن مجلسك
فإنه على طريقه فأبى، فقال سعيد: اللهم إن طارقا عبد من عبيدك ناصيته بيدك وقلبه
بين أصابعك تفعل فيه ما تشاء فانسه ذكري واسمي، فلا عزل طارق عن المدينة
لقيه الذي كان كلمه في سعيد من بني أمية بذي المروة، فقال: كلمتك في سعيد
لتشفعني فيه فأبيت وشفعت فيه غيري؟ فقال: والله ما ذكرته بعد أن فارقتك
حتى عدت إليك).
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة بالعباس بن هلال.
ومنها: ما رواه أيضا عن محمد بن قولويه قال: حدثني سعد بن عبد الله
القمي، عن القاسم بن محمد الأصفهاني، عن سليمان بن داود المنقري، عن محمد
ابن عمر، قال: أخبرني أبو مروان، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سمعت علي
ابن الحسين صلوات الله عليهما يقول: سعيد بن المسيب أعلم الناس بما تقدمه
من الآثار وأفهمهم في زمانه.
أقول: هذه الرواية أيضا ضعيفة، بالقاسم بن محمد الأصفهاني، وبمحمد
ابن عمر، وبأبي مروان.
ومنها: ما رواه الحميري في قرب الإسناد: الجزء 3، الحديث 25، عن أحمد
ابن محمد بن أبي نصر، قال: وذكر عند الرضا عليه السلام القاسم بن محمد خال
أبيه، وسعيد بن المسيب، فقال عليه السلام، كانا على هذا الامر.
أقول: هذه الرواية لا تدل على حسن الرجل فضلا عن وثاقته، بل تدل
على أنه كان شيعيا مواليا لأهل البيت عليهم السلام.
ومنها: ما رواه الكليني عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد، عن عبد الله
ابن أحمد، عن إبراهيم بن الحسن، قال: حدثني وهب بن حفص، عن إسحاق بن
جرير، قال: قال أبو عبد الله عليه السلام، كان سعيد بن المسيب، والقاسم بن
محمد بن أبي بكر، وأبو خالد الكابلي، من ثقات علي بن الحسين عليه السلام.
الكافي: الجزء 1، كتاب الحجة 4، باب مولد أبي عبد الله جعفر بن محمد عليه
السلام 119، الحديث 1.
أقول: هذه الرواية ضعيفة بإبراهيم بن الحسن فإنه مجهول.
ومنها: ما رواه في المناقب: الجزء 4، (فصل معجزات علي بن الحسين عليهما
السلام)، الحديث 26، عن الروضة سأل ليث الخزاعي سعيد بن المسيب عن
إنهاب المدينة؟ قال: نعم شدوا الخيل إلى أساطين مسجد رسول الله صلى الله
عليه وآله، ورأيت الخيل حول القبر، وانتهبت المدينة ثلاثا فكنت أنا وعلي بن
الحسين عليه السلام نأتي قبر النبي صلى الله عليه وآله، فيتكلم علي بن الحسين
عليه السلام بكلام لم أقف عليه، فيحال ما بيننا وبين القوم ونصلي ونرى القوم
وهم لا يروننا، وقام رجل عليه حلل خضر على فرس محذوف أشهب بيده حربة
مع علي بن الحسين عليهما السلام، فكان إذا أومأ الرجل إلى حرم رسول الله
صلى الله عليه وآله يشير ذلك الفارس بالحربة نحوه فيموت قبل أن يصيبه...
الحديث.
أقول: هذه الرواية مرسلة لا يعتمد عليها في شئ.
ومنها: ما رواه الشيخ المفيد في الارشاد في (باب ذكر طرف من أخبار علي
ابن الحسين عليه السلام) الحديث 12، قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن محمد،
قال: حدثني جدي، قال. حدثنا أبو يونس محمد بن أحمد، قال: حدثني أبي وغير
واحد من أصحابنا أن فتى من قريش جلس إلى سعيد بن المسيب فطلع علي
ابن الحسين عليهما السلام فقال القرشي لابن المسيب: من هذا يا أبا محمد؟ قال:
هذا سيد العابدين علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم السلام.
أقول: الرواية ضعيفة ولا أقل من أن راويها الحسن بن محمد (ابن يحيى)
وهو كذاب وضاع على ما تقدم.
هذه هي عمدة ما ورد في مدح سعيد بن المسيب، وقد عرفت أنها غير تامة،
وما قال له الفضل بن شاذان - لو اعتمدنا عليه - لا دلالة فيه على وثاقة سعيد،
والله العالم.
وأما الروايات الذامة: فمنها ما اشتهر عنه من الرغبة عن الصلاة على زين
العابدين عليه السلام.
والجواب: أن ذلك لم يثبت، فإنه لم يرد إلا في روايتين مرسلتين ذكرهما الكشي
في ترجمته (54) قال:
(وروي عن بعض السلف: أنه لما مر بجنازة علي بن الحسين عليهما السلام
انجفل الناس فلم يبق في المسجد إلا سعيد بن المسيب، فوقف عليه خشرم مولى
أشجع قال: يا أبا محمد ألا تصلي على هذا الرجل الصالح في البيت الصالح؟
فقال: أصلي ركعتين في المسجد أحب إلي من أن أصلي على هذا الرجل الصالح
في البيت الصالح!).
أقول: الرواية مرسلة لا يعتمد عليها.
ثم قال: (وروى عن عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهري، عن سعيد بن
المسيب، وعبد الرزاق، عن معمر، عن علي بن زيد، قال: قلت لسعيد بن المسيب
إنك أخبرتني أن علي بن الحسين النفس الزكية وأنك لا تعرف له نظيرا؟ قال:
كذلك وما هو مجهول ما أقول فيه والله ما رأي مثله، قال علي بن زيد: فقلت
والله إن هذه الحجة الوكيدة عليك يا سعيد فلم لم تصل على جنازته؟! فقال: إن
القوم كانوا لا يخرجون إلى مكة حتى يخرج علي بن الحسين، فخرج وخرجنا
معه ألف راكب فلما صرنا بالسقيا نزل فصلى وسجد سجدة الشكر فقال فيها...
وفي رواية الزهري: عن سعيد بن المسيب، قال: كان القوم لا يخرجون من
مكة حتى يخرج علي بن الحسين سيد العابدين، فخرج فخرجت معه فنزل في
بعض المنازل فصلى ركعتين فسبح في سجوده فلم يبق شجر ولا مدر إلا سبحوا
معه ففزعنا فرفع رأسه، وقال: يا سعيد أفزعت؟ فقلت: نعم يا بن رسول الله فقال:
هذا التسبيح الأعظم، حدثني أبي، عن جدي، عن رسول الله صلى الله عليه
وآله أنه قال: لا تبقى الذنوب مع هذا التسبيح، فقلت: علمناه.
وفي رواية علي بن زيد، عن سعيد بن المسيب: أنه سبح في سجوده فلم تبق
حوله شجرة ولا مدرة إلا سبحت بتسبيحه، ففزعت، من ذلك وأصحابي، ثم قال:
يا سعيد إن الله جل جلاله لما خلق جبرئيل ألهمه هذا التسبيح فسبح فسبحت
السماوات ومن فيهن لتسبيحه، وهو اسم الله الأعز الأكبر. يا سعيد أخبرني أبي
الحسين، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله، عن جبرئيل عن الله جل
جلاله أنه قال: ما من عبد من عبادي آمن بي وصدق بك فصلى في مسجدك
ركعتين على خلا من الناس إلا غفرت له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، فلم أر
شاهدا أفضل من علي بن الحسين عليهما السلام حيث حدثني بهذا الحديث، فلما
أن مات شهد جنازته البر والفاجر، وأثنى عليه الصالح والطالح، وانهالت الناس
يتبعونه حتى وضع الجنازة، فقلت: إن أدركت الركعتين يوما من الدهر فاليوم هو،
ولم يبق إلا رجل وامرأة ثم خرجا إلى الجنازة، ووثبت لأصلي فجاء تكبير من
السماء فأجابه تكبير من الأرض فأجابه تكبير من السماء فأجابه تكبير من
الأرض، ففزعت وسقطت على وجهي فكبر من في السماء سبعا وكبر من في
الأرض سبعا، وصلى على علي بن الحسين صلوات الله عليهما، ودخل الناس
المسجد فلم أدرك الركعتين ولا الصلاة على علي بن الحسين صلوات الله عليهما،
فقلت: يا سعيد لو كنت أنا لم أختر إلا الصلاة على علي بن الحسين صلوات الله
عليهما إن هذا هو الخسران المبين، قال: فبكى سعيد ثم قال: ما أردت إلا الخير
ليتني كنت صليت عليه فإنه ما رأي مثله. والتسبيح هو هذا: (سبحانك اللهم
وحنانيك، سبحانك اللهم وتعاليت، سبحانك اللهم والعز إزارك، سبحانك اللهم
والعظمة رداؤك، وتعالى سر بالك، سبحانك اللهم والكبرياء سلطانك، سبحانك
من عظيم ما أعظمك، سبحانك سبحت في الأعلى، سبحانك تسمع وترى ما تحت
الثرى، سبحانك أنت شاهد كل نجوى، سبحانك موضع كل شكوى، سبحانك
حاضر كل ملا، سبحانك عظيم الرجاء، سبحانك ترى ما في قعر الماء، سبحانك
تسمع أنفاس الحيتان في قعور البحار، سبحانك تعلم وزن السماوات، سبحانك
تعلم وزن الأرضين، سبحانك تعلم وزن الشمس والقمر، سبحانك تعلم وزن
الظلمة والنور، سبحانك تعلم وزن الفئ والهواء، سبحانك تعلم وزن الريح كم
هي من مثقال ذرة، سبحانك قدوس قدوس قدوس، سبحانك عجبا من عرفك
كيف لا يخافك، سبحانك اللهم وبحمدك، سبحان الله العلي العظيم).
أقول: هذه الرواية أيضا مرسلة، ويزيد على ذلك أن جميع رواتها بين مهمل
ومجهول، على أنه قد ذكر غير واحد: أن سعيد بن المسيب مات سنة (94) أو
قبل ذلك، فهو قد مات قبل وفاة السجاد عليه السلام، فإنه سلام الله عليه توفي
سنة (95).
ومنها: أنه كان يفتي بقول العامة، وبذلك نجا من الحجاج فلم يقتله، وكان
هو آخر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله.
رواه الكشي في ترجمة يحيى بن أم الطويل (57) في حديث، عن أحمد بن
علي (بن كلثوم السرخسي)، عن أبي سعيد الآدمي، عن الحسين بن يزيد
النوفلي، عن عمرو بن أبي المقدام، عن أبي جعفر الأول عليه السلام.
أقول: الرواية ضعيفة بأبي سعيد الآدمي، وعلى تقدير صحتها فهي لا
تكون قادحة، إذ من المحتمل أن فتواه بقول العامة كانت لأجل التقية، والرواية
أيضا مشعرة بذلك.
ثم إن ما اشتملت عليه الرواية من كون سعيد بن المسيب من أصحاب
رسول الله صلى الله عليه وآله ينافيه ما عن غير واحد من أنه ولد لسنتين مضتا
من خلافة عمر، أو أنه عاش تسعا وسبعين سنة ومات سنة (94).
ثم إن العلامة وابن داود عدا سعيد بن المسيب في القسم الأول (قسم
المعتمدين) الخلاصة (1) من الباب (3) من فصل السين، ورجال ابن داود
(685)، وعن الشهيد الثاني في تعليقه على الخلاصة أنه تعجب من عد العلامة
إياه في القسم الأول مع ما هو المعلوم من حاله وسيرته ومذهبه في الأحكام الشرعية
المخالفة لطريق أهل البيت عليهم السلام، ولقد كان بطريقة أبي هريرة
أشبه، وحاله بروايته أدخل، والمصنف قد نقل أقواله في كتبه الفقهية، من التذكرة
والمنتهى بما يخالف طريقة أهل البيت عليهم السلام، ولقد روى الكشي في كتابه
له أقاصيص ومطاعن!.
وقال المفيد في الأركان: وأما ابن المسيب فليس يدفع نصبه وما اشتهر عنه
من الرغبة عن الصلاة على زين العابدين عليه السلام قيل له: ألا تصلي على
هذا الرجل الصالح من أهل البيت الصالح؟ فقال: صلاة ركعتين أحب إلي من
الصلاة على الرجل الصالح من أهل البيت الصالح، وروي عن مالك أنه كان
خارجيا إباضيا، والله أعلم بحقيقة الحال (إنتهى).
أقول: أما نصب الرجل بمعنى عدائه لأهل البيت عليهم السلام فلم
يثبت، فإن قول مالك لا حجة فيه، على أن الرواية عنه مرسلة، وأما ما عن المفيد
في الأركان فهو لم يثبت، فإن كتاب الأركان وإن ذكره النجاشي والشيخ في كتب
الشيخ المفيد إلا أنه ليس من كتبه المعروفة، ومن ثم لم يصل إلى الشيخ المجلسي
ولا إلى صاحب الوسائل ولا إلى الشيخ النوري (قدس الله أسرارهم) مع
حرصهم الشديد على تتبع الكتب والرواية عنها، إذن لم يثبت أن طريق الشهيد
الثاني إلى ذلك الكتاب كان طريقا معتبرا، وكذا مخالفة سعيد لطريق أهل البيت
عليهم السلام، فإن العلامة وإن نسب إليه أمورا مخالفة لمذهب أهل البيت عليهم
السلام إلا أنه في ذلك على ما رآه في كتب العامة، وعلى تقدير ثبوت المخالفة
فلعلها كانت لأجل التقية، أو لأجل عدم ظهور الحق في زمانه، فإن كثيرا من
الاحكام قد ظهرت في زمان الصادقين عليهما السلام ومن بعدهما.
فتلخص مما ذكرناه أن الصحيح هو التوقف في أمر الرجل لعدم تمامية سند
المدح والقدح.
ولقد أجاد المجلسي حيث اقتصر على نقل الخلاف في حال الرجل من دون
ترجيح.
وقع سعيد بن المسيب في إسناد جملة من الروايات تبلغ أربعة عشر موردا.
فقد روى عن علي بن الحسين عليهما السلام، وعن جابر بن عبد الله،
وسلمان، وعلي بن أبي رافع.
وروى عنه أبو حمزة، وأبان بن تغلب، وغالب، وغالب الأسدي، والثمالي.
ثم إن الشيخ روى بسنده، عن الحسين بن عمرو، عن يحيى بن سعيد، عن
سعيد بن المسيب، عن أبي موسى الأشعري. التهذيب: الجزء 10، باب من
الزيادات، الحديث 1168.
كذا في الطبعة القديمة أيضا، ولكن في الفقيه: الجزء 4، باب نوادر الديات،
الحديث 447، الحصين بن عمرو، عن يحيى بن سعيد بن المسيب، عن أبي موسى
الأشعري.


الفهرسة